دعوته إلى الاشتراكية، ولو درسنا صلة عمار بأبي ذر لوجدناها وثيقة جدا، فكلاهما من مدرسة واحدة هي مدرسة علي بن أبي طالب (ع) وكان هؤلاء الثلاثة يجتمعون دائما ويتشاورون ويتعاونون معا.
لقد كان أبو ذر (رحمه الله) من أولئك الذين أنكروا على عثمان بن عفان وعماله تبذير الأموال واستغلال موارد الدولة لصالحهم وشهواتهم متجاهلين مبادئ الإسلام وأصوله وعدالته وحقوق الفقراء والمساكين في تلك الأموال، وكان أبو ذر وعمار بن ياسر وجماعة من كرام الصحابة يراقبون تلك التصرفات بمنتهى الدقة وتتعالى صرخاتهم في وجه أولئك الطغاة بدافع من إيمانهم العميق وحرصهم على حقوق العباد غير مبالين بسياط الجلادين، وكان رد عثمان بن عفان على تلك المواقف الكريمة، أن خطب الناس يوما وقال فيما قال: لنأخذن حاجتنا من هذا المال وإن رغمت أنوف أقوام وأقوام، فاعترضه عمار بن ياسر وقال: أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك، كما رد عليه علي (ع) وقال: (إذن تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه).
هذه المواقف من هذه الفئات الكريمة الداعية إلى تطبيق العدالة والاحتفاظ بموارد الدولة من الأموال لصالح الشعوب وصفها بعض الكتاب بالاشتراكية، وقال: إن عبد الله بن سبأ هو الذي حرك أبا ذر في دعوته إلى الاشتراكية، ولا ضير في هذه النسبة ما دامت دعوته هذه تعبر عن واقع الإسلام وجوهره ولا تضرها تسمية الشيوعيين وغيرهم من المنحرفين بالاشتراكية، في حين أنها لا تتصل باشتراكية الشيوعيين بصلة من الصلات.
بقي أن أبا ذر (رحمه الله) هل كان في حاجة لمن يحركه في دعوته إلى العدالة والتشهير بأولئك المستهترين بكل ما جاء به