نشأة التشيع - السيد طالب الخرسان - الصفحة ١٠٣
فقال: إن كل مولود يولد للدين ومن أجل الدين، فما خلق الله المكلفين إلا ليعبدوه ويشهد بذلك قوله تعالى: (وما خلقنا الجن والإنس إلا ليعبدون) فاجتهاد سلمان في الدين خارق للعادة ما في ذلك شك. وهو خارج على كل معروف ومألوف، لأنه لا يتلقى دينه تلقينا ولا يرثه إرثا، بل يتبصر فيه ويتأمله تأملا مليا. وما ضر لو سكن أرضا بمنأى عن مهد الإسلام وماج حوله ما ماج من حوادث، وبذلك لم يشهد ما شهد غيره من شدائد ولا كابد ما كابدوا من جهد، وهو الذي ما كان ليرغب بنفسه عما قاساه المسلمون الأولون وصاروا إليه.
ولا نرى وجها للغض من فضله بتفضيل غيره عليه في أمور لا رأي له ولهم في توجيه مجراها، لا سلطان لأحد عليها.
أما ألا يكون قوله حجة فحكم لا نميل إليه فليس من ينكر أن سلمان في العلم أوحد زمانه، ولا من ينسى أو يتناسى ما أجرى عليه النبي (ص) من صفات، ولا من يجحد أنه كان صاحب مشورة أهل البيت (ع) ومن يرجع إليه في المشكلات.
وفي بداءة العقول أن من يتعصب لأحد يتعصب على من يضاده، ولكن لا بد من القصد والوقوف عند حد، لأن مسخ الحقيقة عن عمد يعكس الغرض من مسخها، وواقع الأمر أنه يبديها ولا يخفيها.
ويتابع الجاحظ كلامه عن سلمان ليقول: إنه ولي على المدائن لعمر مطيعا غير مكره، وهذا من الدليل على تصويب أبي بكر، لأن مطيع عمر مذعن لأبي بكر، ومعظمه أشد تعظيما لأبي بكر.
وهذا ما نتردد طويلا في فهمه، ونحن لا ندرك من ولاية سلمان على المدائن ما يدركه الجاحظ، لأن سلمان إنما كان واليا لدولة المسلمين لا لخليفتهم، وأنجز ما أنجز من جلال الأعمال حبه ورغبة منه في نفع المسلمين، لا يرهبه سلطان، فما جار عن القصد ولا انحرف
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - مقدمة 3
2 2 - الفصل الأول 18
3 التشيع لغة 18
4 التشيع اصطلاحا 20
5 3 - الفصل الثاني: (بداية التشيع وبذرته التاريخية) 24
6 أ - التشيع أيام النبي (ص) 24
7 ب - التشيع أيام السقيفة 31
8 ج - التشيع أيام مقتل عثمان 35
9 د - التشيع يوم الجمل 36
10 ه - التشيع يوم خروج الخوارج بصفين 37
11 و - التشيع بعد مقتل الحسين (ع) 42
12 ز - التشيع نزعة فارسية 45
13 ح - التشيع بدعة عبد الله بن سبأ 50
14 ط - التشيع وهدم الاسلام 68
15 ي - التشيع والاعتزال 76
16 4 - الفصل الثالث: (أدلة وجود التشيع أيام النبي (ص) 78
17 5 - الفصل الرابع: (مراحل التشيع) 85
18 6 - الفصل الخامس: (أقطاب التشيع) 91
19 1 - سلمان الفارسي 91
20 مولده ووفاته 91
21 حياة سلمان قبل الاسلام 94
22 اسلام سلمان 95
23 قالوا في سلمان 97
24 تشيع سلمان 99
25 ختام البحث 105
26 2 - أبو ذر الغفاري 108
27 أبو ذر رابع الاسلام 109
28 تشيع أبى ذر 111
29 بين أبى ذر وعثمان 113
30 سكوت على (ع) عن نفى أبى ذر 120
31 ما هو الجديد الطارئ؟ 122
32 3 - عمار بن ياسر 125
33 مع الرسول 125
34 تشيع عمار 129
35 4 - المقداد بن الأسود الكندي 134
36 نسبه 134
37 كنيته 134
38 قالوا في المقداد 135
39 تشيع المقداد 139
40 وفاته 141