ويبعث وحده، ويشهده عصابة من المؤمنين) (1).
فالمقطوع به أنه من السابقين الأولين الذي صدقوا الرسل، وآمنوا بنبوة محمد بن عبد الله (ص).. لقد آمن أبو ذر فنطق بشهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله. ودخل في مجموعة الإيمان التي حلت منه محل الأهل والعشيرة والوطن والقبيلة. لقد انصهر في ذلك المجتمع الجديد وأراد أن يتحدى قريش ويعلن في وجهها إسلامه فلذا انطلق إلى مكان اجتماعها وأطلقها صيحة أزعجتهم فقاموا إليه جميعا فأذاقوه الأذى والألم وكادوا يقضون عليه لولا تدخل العباس فألفت أنظارهم إلى أن تجارتهم على طريق غفار فتركوه.
إنه الرجل الذي لزم النبي (ص) فسأله عن كل شئ حتى أجاب الإمام علي (ع) عندما سئل عنه: فقال: (ذلك رجل وعى علما عجز عنه الناس ثم اوكأ فيه فلم يخرج شيئا منه) (2).
ثم إنه فوق ذلك أعطاه النبي (ص) علامة فارقة يمتاز بها عن جميع الصحابة، أنها اللهجة الصادقة، التي لا يداخلها شك ولا يعتور سبيلها نقض، وكشف عن ذلك النبي بقوله (ص): (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبيه عيسى بن مريم) (3).