فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال: كفى بمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كرما وفخرا، أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره، فأي حجة تريد أوضح من هذا؟
فقال له فضال: إني قلت ذلك لأخي، فقال: والله لئن كان الموضع لرسول الله (صلى الله عليه وآله) دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) لقد أساءا وما أحسنا، إذ رجعا في هبتهما ونسيا عهدهما.
فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال له: لم يكن له ولا لهما خاصة، ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما.
فقال له فضال: قد قلت له ذلك فقال: أنت تعلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) مات عن تسع نساء، ونظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم نظرنا في تسع الثمن، فإذا هو شبر في شبر، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك، وبعد فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله وفاطمة بنته تمنع الميراث؟!
فقال أبو حنيفة: يا قوم! نحوه عني فإنه رافضي (1) خبيث (2).