فكلما ظهرت طائفة نهبت محلة الأخرى وأحرقتها وخربتها، لا يأخذهم في ذلك إلا ولا ذمة " (1).
فهذه الحروب الداخلية والمشاغبات والفتن والتعصبات اقتضت في سياسة الخلفاء الزامهم الفقهاء على عدم الخروج عن أقوال المشائخ بعنوان احترامهم والتبرك بهم. وتلقى الفقهاء ذلك منهم بالقبول، ولفقوا لصحة حكمهم بالانحصار في الأربعة وجوها، منها:
انسداد باب الاجتهاد بعد المشائخ القدماء كما يأتي، وذلك منهم قد جرى على ميزان " الناس على دين ملوكهم "، وقد أفصح عنه الغزالي في كلامه الذي نقله عنه المولوي شاه ولي الله في كتابه " الإنصاف " ولفظه:
" قال الغزالي: إن بعد عصر الخلفاء الراشدين استولى على الخلافة قوم بغير استحقاق ولا علم بالأحكام، فاحتاجوا إلى استصحاب الفقهاء، فبعضهم كانوا على الطراز الأول إذا طلبوا هربوا، وبعضهم تقربوا إلى الخلفاء وصنفوا في علم الكلام والجدل والاختلافات في المذاهب كل على قدر ما ساعده الأمور المؤقتة والأسباب المهيئة " (2).
وقد ذكرنا منهم ابن الصلاح المتوفى 643.