نعلم وهم يصبرون على ما لا يعلمون " (1).
وعليه، فعندما عرض على الإمام (عليه السلام) العنب المسموم فإنه يتعامل معه على أنه عنب، ولا يتعامل معه على أنه سم مميت تنزيلا لنفسه منزلة الأشخاص العاديين.
وإلا لو أراد الإمام التعامل معه على أنه سم حقيقي لما تناوله وعندها لا يقع عليه القتل أبدا مع علمه أن الله قد كتبه عليه!!
هذا ما يمكن أن يوجه به جواب العلامة المجلسي.
وفيه: انه إن صح لا يفسر حقيقة علمهم بموتهم.
على أنه التزم بأن فعل الإمام تهلكة إلا أن تكليفه فيها غير تكليفنا نحن فيها، وهذا لا ملزم لنا للقبول به، لما يأتي في الجواب الصحيح.
* الجواب الرابع: ما ذكره العلامة المجلسي أيضا من انه يمكن أن يقال: (لعلهم علموا انهم لو لم يفعلوا ذلك لأهلكوهم بوجه أشنع من ذلك فاختاروا أيسر الأمرين) (2).
أقول: هذا يصح بالنسبة لأمثالنا ذلك اننا إذا علمنا بشرين فإننا نختار أيسرهما.
اما آل محمد (عليهم السلام) فان المسألة بالنسبة لهم تختلف، فان الله هو الذي يقدر أمورهم، فلو علم الله ان تلك الموتة أنفع للإمام أو للشيعة أو لمصلحة ما، لأوجبها عليهم، وهم (عليهم السلام) لما اختاروا غيرها.
وبعبارة أخرى: الإمام يعلم ما اختار الله له من كيفية موته، وهو (عليه السلام) لا يريد إلا ما أراد الله، فالمسألة ليست مسألة علم الإمام بكيفية الموت فقط، بل المسألة تتعلق بشئ أعظم من ذلك، والتخيير للإمام في اختيار أي الموتتين مرتبط بمقام يستحق أن يختار الإمام لأجله فراق الشيعة.