وكأنك سمعت بقول الأصوليين أن القاعدة الأولية عند التعارض هي التساقط هكذا.. ولكنك لم تلتفت بأن ذلك إنما يتحقق بعد تمامية شرائط التعارض.. ومنها اعتبار كلا الخبرين، وعدم إمكان الجمع ووو.. فافهم.
وأذكر لك من باب المثال أنه قد وردت عن عمر فقط في مسألة ميراث الجدة روايات كثيرة ومتناقضة جدا، فهل تسقط في رأيك روايات ميراث الجدة بسبب ذلك، أو نعطل حكما من أحكام الله بسبب هذا (العلم!!).
وهكذا الأمر في جميع الأبواب والمواضيع!!
فلو أخذنا بخطتك العظيمة لسقط الفقه كله عن الاعتبار..
ثالثا: لا أدري هل غاب عنك وجه الجمع بينهما حقا؟ أم أن الأمر غير ذلك! فمن الواضح لمن ألقى جلباب التعصب جانبا أن أمر الجمع سهل، وذلك لأن الناظر بعقله إلى القضية تارة يلاحظ ظاهر الأمر وتارة يلاحظ واقع الأمر وحقيقته.
فإذا قصد الأمر الظاهر قال: لقد وقعت البيعة منه عليه السلام.. وإذا قصد الأمر الواقع قال: لم تقع البيعة منه عليه السلام.. وذلك لأن الفقهاء ذكروا في أبواب الفقه مثلا: إن بيع المكره كلابيع.. ولما كانت بيعته عليه السلام وقعت لهم الإكراه، أمكن القول بأنه لم يبايع حقيقة.. وهذا أمر يدركه الوجدان ويفهمه الإنسان غير المتعصب، ولا يحتاج إلى مؤنة كبيرة لمعرفته، وعليه فلا تناقض بينهما.. ولكن وكما قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة * ولكن عين السخط تبدي المساويا ثم حتى لو فرضنا أن عالما من العلماء تتبع روايات البيعة فوصل تحقيقه إلى ضعفها، فهل أن وجود مثل ذلك يؤدي إلى إسقاط جميع الروايات في هذا الباب. اللهم إننا لم نسمع بمثل هذا العلم!! من غيرك.