إذن.. فموسى لم يغضب على أخيه بعد علمه بالسببين كما هو واضح، وظاهر القرآن أنه قد أقر فعل أخيه لذلك دعا له بعد ذلك، إذ أن سكوت هارون كان اضطرارا.. والعجيب.. إن أمير المؤمنين (ع) حينما قيل له:
بايع، قال: فإن لم أفعل!! قالوا: إذن تقتل!! قال: إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله.. فأجابوه: أما عبد الله فنعم وأما أخو رسوله فلا...
وبعد ذلك التفت إلى قبر رسول الله وقال (ع): يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني.. أي إنه ردد نفس كلام نبي الله هارون ليبين إن موقفه يشابه موقف نبي الله هارون.. أو إن قول علي (ع) إشارة للسبب الثاني الذي ذكره هارون من عدم تفريق كلمة المسلمين: (لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين وكان الجور علي خاصة).. وكأن النبي (ص) أراد أن يؤكد لنا هذا التشابه بينهما أيضا حينما قال لعلي (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وقال أيضا: (علي وهارون كالفرقدين).
أو حينما قال له (إن الأمة ستغدر بك بعدي). أو قوله له (أما أنت ستلقى بعدي جهدا). أو قوله لأهل بيته (أنتم المستضعفون بعدي)..
ولقد استفاض في الروايات بأن أمير المؤمنين لم يبايع القوم حتى هجموا على داره وجمعوا حطبا وأشعلوا النار وأرادوا إحراقها.. حتى قيل لعمر: إن في الدار فاطمة!! قال: وإن.. أو قول الزهراء لعمر: أجئت لتحرق علينا دارنا... إلى غير ذلك.. وهناك الكثير من المصادر السنية التي ذكرت هذه الحادثة.. حتى إن شاعر مصر حافظ إبراهيم ذكرها في قصيدته العمرية مفتخرا بذلك!! وهي موجودة في ديوانه حيث قال:
وقولة لعلي قالها عمر * أكرم بسامعها أعظم بملقيها حرقت دارك لا أبقي عليك بها * إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها