يتكلمون كلمة الحق لا يجاوز حلوقهم، يخرجون من الحق كما يخرج السهم من الرمية، سيماهم أن فيهم رجلا أسود مخدج اليد، في يده شعرات سود، فانظروا إن كان هو فقد قتلتم شر الناس، وإن لم يكن هو فقد قتلتم خير الناس، فبكينا، ثم قال: اطلبوا فطلبنا فوجدنا المخدج، فخررنا سجودا وخر علي رضي الله عنه معنا ساجدا، غير أنه قال: يتكلمون كلمة.
أخبرنا الحسن بن مدرك قال: حدثنا يحيى بن حماد قال: أخبرنا أبو عوانة قال:
أخبرني أبو سليمان الجهني، أنه كان مع علي رضي الله عنه يوم النهروان، قال: وكنت أصارع رجلا على ذلك فقلت: ما شأن بذلك قال أكلها، فلما كان يوم النهروان وقتل علي الحرورية، فخرج على قتلاهم حين لم يجد ذا الثدية، فطاف حتى وجده في ساقية، فقال: صدق الله وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لي: في مسكنه ثلاث شعرات في قبل حلمة الثدي.
قال: أخبرنا علي بن المنذر قال: حدثني أبي، قال: أخبرنا عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه، قال: كنت عند علي رضي الله عنه جالسا إذ دخل رجل عليه ثياب السفر، وعلي رضي الله عنه يكلم الناس، ويكلمونه، فقال: يا أمير المؤمنين أتأذن لي أن أتكلم؟ فلم يلتفت إليه وشغله ما فيه، فجلس إلى رجل قال له: ما عندك؟
قال: كنت معتمرا فلقيت عائشة، فقالت: هؤلاء القوم الذين خرجوا في أرضكم يسمون حرورية؟ قلت: خرجوا في موضع يسمى حروراء (تسمى بذلك).
فقالت: طوبى لمن شهد منكم، لو شاء ابن أبي طالب رضي الله عنه لأخبركم خيرهم، فجئت أسأله عن خبرهم، فلما فرغ علي رضي الله عنه قال: أين المستأذن؟ فقص عليه كما قص عليها. قال: إني دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عنده أحد غير عائشة رضي الله عنها، فقال لي: كيف أنت يا علي وقوم كذا وكذا؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ثم أشار بيده، فقال: قوم يخرجون من المشرق، يقرأون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق