ويلبس للحرب أثوابها * وما من وفي مثل من قد غدر ثم انصرفت إلى مكة فقصدت الحجر فسترت فيه فاجتمع الناس حولها.
خطبة عائشة في أهل مكة:
خطبت عائشة رضي الله عنها فقالت: أيها الناس إن الغوغاء من أهل الأمصار، وأهل المياه، وعبيد أهل المدينة اجتمعوا على هذا الرجل المقتول ظلما بالأمس، ونقموا عليه استعمال من حدثت سنه، وقد استعمل أمثالهم قبله، ومواضع من الحمى حماها لهم فتابعهم ونزع لهم عنها، فلما لم يجدوا حجة ولا عذرا بادوا بالعدوان فسفكوا الدم الحرام، واستحلوا البلد الحرام، والشهر الحرام، وأخذوا المال الحرام، والله لإصبع عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم، ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا، لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه، والثوب من درنه إذ ماصوه ما يماص الثوب بالماء استعداد عائشة لمحاربة أمير المؤمنين:
بعد أن خطبت عائشة رضي الله عنها بمكة، قال عبد الله بن عامر الحضرمي وكان عامل عثمان على مكة: ها أنا أول طالب، فكان أول مجيب، وتبعه بنو أمية على ذلك، وكانوا هربوا من المدينة بعد قتل عثمان إلى مكة ورفعوا رؤسهم. وكان أول ما تكلموا بالحجاز، وتبعهم سعيد بن العاص والوليد بن عقبة وسائر بني أمية، وقد م عليهم عبد الله بن عامر من البصرة بمال كثير، وقدم عليهم يعلى بن أمية، وهو ابن منبه من اليمن، وكان عاملا لعثمان ومعه ستمائة بعير، وستمائة ألف درهم، فأناخ بالأبطح، وقدم طلحة والزبير من المدينة فلقيا عائشة، فقالت: ما وراءكما؟ فقالا: إنا تحملنا هرابا من المدينة من غوغاء وأعراب، وفارقنا قوما حيارى لا يعرفون حقا ولا ينكرون باطلا، ولا يمنعون أنفسهم، انهضوا إلى هذه الغوغاء. وقال طلحة والزبير لعائشة: إن أطعتنا طلبنا بدم عثمان. قالت: وممن تطلبون دمه؟ قالا: إنهم قوم معروفون وإنهم بطانة علي. ورؤساء أصحابه. فقالوا: نأتي الشام. فقال ابن عامر: قد