وأمره بالتخلي عن الأمر لرسوليه، وتبطئ عليه أخبار الكوفة فيخشى عليها الفتنة.
ويدنو إليها من الربذة إلى ذي قار، ويرمي أبا موسى فيها بابنه الحسن ووزيره عمار بن ياسر، ومعهما من فرسان الفكر والسيف قيس بن سعد، وزيد بن صوحان، ليجهزا على حكمه إذا بقي منه شئ يمتنع على ابن عباس وابن أبي بكر، والواقع أن أبا موسى كان ما يزال ثابتا لابن عباس وصاحبه، يرقى المنبر إذا فرغ الرجلان من دعوتهما، فيخذل الناس ويدعوهم إلى الروية والأناة، ويخترع لهم عن النبي أخبارا فيها ما يأمر بتجنب الفريقين، وفي الكوفة أولياء لعلي وفيها قليل من الخصوم ولكن للكوفة مزاجا غريبا لا يقاس بالولاء والعداء، وإنما يقاس بالرغبة الخاصة، وبالظروف التي تحف بالحوادث، وكان هذا الظرف من الظروف التي تروق فيه لمزاج الكوفة المماطلة والتردد والأناة، فلا يحملها في مثله شئ على الجد مثل الشدة، ولم يؤمر عبد الله بالشدة على أبي موسى، وأبو موسى لم يحل حتى الآن بينه وبين الحكم، ولا بينه وبين المنبر، وما دام مطاعا في القصر، مخلى بينه وبين المنبر فمزاج الكوفة يلذ المماطلة، ويلذ التردد والأناة.
على مثل هذه الحال أقبل الحسن ومعه عمار أمير الكوفة بالأمس وصاحبها الذي أصاب فيها توفيقا أدى إلى عزله.
وللكوفة إلى مزاجها ذاك طبيعة كطبيعة التلاميذ الأخباث،