حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٢٢١
كان عمار أخف شيعة علي حركة، وأشدهم نشاطا، وأكثرهم تفقدا لثغرات الموقف، وكان في خفته وشدته وتفقده من أوسعهم كفاية، وأغناهم ذهنا، وأكثرهم علما.
ظل دأبه ما رأيت في المدينة، يدعو ذاك، ويرد على هذا ويثبت غير هذين، طوال الشهور الأربعة التي مضت على بيعة علي قبل خروجه إلى لقاء الناكثين في البصرة.
فلما بلغ عليا خروج عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة، عزم أن يقطع عليهم الطريق، ويردهم منها دون الفتنة، فركب وركب معه تسعمائة صحابي من المهاجرين والأنصار، كان عمار في طليعتهم، وركب معه خلق كثير من عامة المسلمين، فلما كان بالربذة علم أن عائشة وصاحبيها سبقوه إلى البصرة، وأن اللحاق بهم دونه أمر فات وقته، فأرسل من الربذة محمدا ابن أخيه جعفر، ومحمدا بن أبي بكر بكتاب إلى أبي موسى الأشعري أمير الكوفة، يأمره فيه بتجهيز الناس لموافاته إلى البصرة، ولكن المحمدين وجدا عامل أمير المؤمنين على الكوفة، أو عامل الأشتر - بتعبير أصح - عدوا لا يتقي بعداوته، متحاملا، يدعو الناس إلى التحامل ويصنع لهم من (الأحاديث) ما يحملهم به على الحيدة والقبوع والاعتزال الأمر الذي دعاهما إلى الاشتباك معه بجدال عنيف، اتصل حتى أغلظا له القول، وانقلبا بخبره سريعين إلى أمير المؤمنين في الربذة، ويرسل أمير المؤمنين هذه المرة عبد الله بن عباس ومحمدا بن أبي بكر بكتاب عزل فيه أبا موسى عزلا قاسيا،
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست