حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٥٣
المرضى بشهوة الحكم ممن يعارضون من أجل المعارضة، ومشى رشيدا حازما كبير الحظ بمواتاة هذا الظرف الذي فرضت السكينة فيه على جميع الأحزاب، ورضي البناؤون وساهموا برفع البناء، وهدأ الهدامون وأرجأوا مطامعهم إلى سنوح الفرصة، واتجهت الهمة جمعاء إلى توطيد الحكم الإسلامي في هذه البلاد المفتوحة، ونقل هذه الأمم من عالمها القديم إلى عالم (محمد) الجديد.
وعلي خلال ذلك مقبل على مدرسته يذيع منها المعرفة، منصرف إلى عمله يكسب منه الرزق، ساهر على مصلحة الدولة يشير عليها بما يجنبها وعورة المآزق، ويسهل لها حل المشكلات، وتلاميذه صور منه يسعون بين الناس معرفة وطمأنينة، وتعاونا مع كل مريد للدولة خيرا، أو مبتغ للأمة صلاحا. وعمار أحد هؤلاء التلاميذ الهداة المهديين، ولعل صمته الطويل، ولسانه القصير جعلاه من أقربهم إلى رضى العهد العمري، وأبعدهم عن حذر أبي حفص، وقد كان من سياسة أبي حفص إقصاء الهاشميين وأتباعهم ومن بحكمهم عن المراكز لئلا يستغلوها بالدعوة إلى أنفسهم، ذلك ما عناه بالفتنة التي خشيها عليهم وعلى الناس، ولكن عمارا ليس جبارا في الأرض، ولا طامحا إلى الخلافة، ولا معتزا بغير التقوى والصلاح، نعم هو من أتباع علي، ولكنه طويل الصمت قصير اللسان فلا يخشى منه، ولعل توليته ترضي الهاشميين بهذا النصيب من الحكم الذي يصلهم عن طريق عضو من أعضاء
(١٥٣)
مفاتيح البحث: الرزق (1)، الصمت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست