حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٥٧
من إنشاء الخطبة إنشاء في عهد يعارضه هو رأيا، ولا يريد أن يعارضه فعلا، حرصا على الاستقرار.
ولا يعهد في الورع أسلم ولا أسد من هذه السياسة في مثل هذه الحال، فخطبة الجمعة إنما اشترعت لتأييد الحكم القائم، والدعاء له، وعمار أمير في عهد لا يدين له بالرأي، فإن دعا له حابى في الدين وإن دعا عليه عرض نفسه للهلكة، فماذا هو صانع؟ ليس شئ أفضل في تفادي هذا المأزق من الخطبة بسورة قرآنية، وبسورة يس بالذات.
وما يدرى أكان لهذه الخطبة أثر في عزل عمار أم لا، ولكن الذي لا يشك فيه أن هذه الخطبة لا تسر الخليفة، إن لم تضاعف شكه بالهاشميين وأنصار الهاشميين، وتحثه على إقصائهم خوفا عليهم من فتنة الناس، وخوفا على الناس من فتنتهم.
ما ندري هل زعزعت هذه الخطبة القرآنية مكانة عمار في نفس الخليفة، وأيأسته منه أم لا، ولكن ابن سعد حدثنا حديثا آخر لعله يتصل بهذا الموضوع فقال:
(دخل مطرف على رجل بالكوفة، وإذا رجل قاعد إلى جنبه وخياط يخيط إما قطيفة سمور أو ثعالب، قال: قلت ألم تر ما صنع علي، صنع كذا وصنع كذا. قال: فقال: يا فاسق ألا أراك تذكر أمير المؤمنين؟. قال: فقال صاحبي: مهلا يا أبا اليقظان فإنه ضيفي قال: فعرفت أنه عمار).
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست