حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٤٩
وجدوا المسلمين جبهة واحدة في الميدان، ووجدوا سيف الله كما عهده المشركون قاطعا عاصفا لا تقف له السرايا، ولا تصمد بوجهه الجيوش.
والواقع أنه كان أحوط لكلمة التوحيد، وأحرص على توحيد الكلمة، من أن يعتزل هذه الأحداث، وإن اعتزل مجلس أبي بكر. تجند هو كما رأيت، فلما ربح الإسلام هذه الموقعة، جند أصحابه للدولة فيما تلاها من الأحداث، وانصرف هو لجمع القرآن، وبث العلم، وإدارة الحركة الفكرية، والإشارة على أبي بكر بما يرجع به إليه مما يعتاص عليه وعلى حاشيته من رأي أو حكم.
وكان عمار في طليعة أصحابه المجندين. مشى تحت لواء خالد بن الوليد، وقد استفحل في اليمامة أمر مسيلمة الكذاب وبني حنيفة من خلفاء طسم وجديس. ويلتقي الجيشان، فيجد المسلمون في خصومهم أكفاء حرب لا عهد لهم بمثلهم، فإذا استحر القتال صمد المرتدون، وتضعضع المسلمون، ثم تصدعوا، ثم أفلت الزمام من يد خالد، واستضرى مسيلمة وأتباعه، فشدوا على المسلمين شدة إجهاز، فيجفل هؤلاء ويتفرقوا كالقطيع المذعور. حدث عبد الله بن عمر - كما روى الواقدي وابن سعد وكل مترجمي عمار - فقال: رأيت عمار بن ياسر قائما على صخرة وإن أذنه تذبذب، وقد أصابها سيف، وهو يقاتل أشد قتال، ويصيح بالمسلمين المجفلين الفارين: يا
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست