وغزا رجل من آل عطارد التميمي ثغر (ماه) فأمده عمار بكتيبة قادها هو بنفسه، وكره التميمي مقدم عمار حرصا على الاستئثار بالغنيمة، فقال له: (يا أجدع أتريد أن تشاركنا بغنائمك؟) فيضحك عمار - وهو الأمير - ويقول: (خير أذني سببت) وهي أذنه المقطوعة في اليمامة. وحين تم النصر أبى التميمي أن يشرك عمارا بالغنيمة، ولكن عمر - وقد بلغه الأمر - أشركه إذ قضى (أن الغنيمة لمن شهد الموقعة).
وكان عمار على ترابيته هذه حازما نافذ الحكم، مبسوط الهيبة، مطاعا محبوبا لم يتعرض لشئ مما تعرض له غيره من ولاة الكوفة وحكامها، وكان رشيدا ورعا تقيا يقف من الأحكام عند الحاجة ثم لا يزيد.
حدث ابن سعد فقال: سئل عمار مرة عن مسألة فقال: (هل كان هذا بعد؟) فقيل له: لا. فقال: (دعوها حتى يكون، فإذا كان تجشمناها).
إحساس بالمسؤولية الحكمية لا تجده في الواقع إلا عند الصديقين إنه يحسب للكلمة حسابا ثقيلا، ويرى بها ما يراه في العمل من تعرض للخطأ، فهو جدير أن يخفف من الإجابات ليكون أضمن للصواب، ومن هنا كان لا يتجشم الجواب إلا إذا فرضته الحاجة.
ولعل أبرز مظاهر ورعه أنه كان يعوض عن خطبة يوم الجمعة بقراءة سورة يس - راجع طبقات ابن سعد - متخرجا