حزبهم، فإن لم ترضهم كانت من أعذار الخليفة لدى الناس تعلن لهم حياده وإنصافه وعدم تقصيره، وما ندري فربما خطر للخليفة - وهو يفكر بتأمير عمار - أمر آخر ينقض هذا كله من أساسه، ربما خطر له أن يستل عمارا من شيعة علي. ربما كان هذا، وربما كان ذاك، وربما كانا جميعا من أسباب التفكير بتأمير عمار، وسواء أصح كل هذا أم لم يصح، فالمحقق أن عمر ولى عمارا على مصر هو من أعظم أمصار الإسلام، إن لم يكن أعظمها يومذاك، ولاه على الكوفة، فجعله أميرا، وجعل معه عبد الله بن مسعود وعثمان بن حنيف - وهذا شيعي أيضا وزيرين أولهما للمال والتعليم، وثانيهما للسواد - ضواحي الكوفة وبساتينها - وفوقهما عمار للإمامة والجيش وكتب لأهل الكوفة في ذلك كتابا هذا نصه:
(أما بعد فإني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا، وابن مسعود معلما ووزيرا، وقد جعلت ابن مسعود على بيت مالكم، وإنهما لمن النجباء من أصحاب محمد. من أهل بدر، فاسمعوا لهما وأطيعوا، واقتدوا بهما، وقد آثرتكم بابن أم عبد (1) على نفسي بعثت عثمان بن حنيف على السواد، ورزقتهم كل يوم شاة فاجعلوا شطرها وبطنها لعمار، ولعبد الله ربعها، ولعثمان ربعها).