حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٦٤
حياة هاربة، والجراح أبواب تسهل مهمة الفرار، أو هو نهر فاض، وهي سدود منهارة.
فكيف يكتشف الحل لمشكلته التي واجهها؟ إن الخطر على نفوذه لا يأتي من المجرم المقنع إلا إذا صادفت فعلته رضى كل القادة ولقيت تحبيذا من الرأي العام، إنها آنذاك خليقة أن تقضي على نفوذه فتقضي عليه القضاء المعنوي الذي يميت سياسته، ويصرع خطته، أما إذا رضيت من صرعه بإنهاء حياته، فإنها لم تصنع شيئا، وبقي عمر - على رغمها - حيا مسيطرا يرسل التاريخ من خطته إلى غياته، فيخضع التاريخ لخطته ولغايته.
أجال هذه الأفكار بذهنه، في أكبر الظن، إجالة سريعة، وخرج منها إلى الامتحان الحاسم، فأمر عبد الله بن العباس - وكان من مصانعيه ومستشاريه - أن يخرج إلى الناس فيسألهم عن مصرعه؟ أكان عن رضى منهم وممالأة؟ أم كان مفاجأة غير منتظرة، وبغتة غير محسوبة؟ فأنكر الناس، واستعاذوا أن يكونوا شاركوا أو علموا. واكتفى أبو حفص بالإنكار الذي لم يرد أكثر منه، ولم يطلبه إلا ليطمئن على سلامة هيبته، واستمرار نفوذه اللذين وجدهما لم يتأثرا بالاجتراء على اغتياله.
نعم عجب الناس في أنفسهم لأمر أبي حفص. إنه يستعرض الوجوه في صدد ولاية الأمر فيتمنى حياة من ماتوا،
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست