كان سلطان الإسلام هذا الذي أحرزه النبي بنصره العظيم يدعوه إلى الحزن من حيث يدعوه إلى السرور، ويجلب له الهم من حيث يجلب له الاغتباط، فهو يعلم أن سلطانه بما أتيح له من موارد الفئ، وسعة النفوذ، سلطان مغر في ذاته، يزل الأقدام، ويزيغ الأبصار، ويحرج الصدور، فلو انتهى إلى صاحبه، أو انتهى إليه صاحبه في مجتمع سليمة نياته، نقيات ضمائره، لم يكد يسلم لصاحبه، ولم يكد صاحبه يسلم له إلا بشق الأنفس، فكيف وهو يعهد في هذا المجتمع أدهى ما يعهد الإنسان من نفاق، ويرى فيه إلى المنافقين مستوفزين متحفزين يأتمرون بالخلافة ويستعدون لها فلا يصدهم عنها إلا وجوده الكريم، يعيد نظره إليهم فيجدهم يغلون بالتحفز والتوفز حتى يروا إلى وجوده هو وقد عاد عبئا ثقيلا عليهم، فهم ينتظرون انقضاءه ساعة فساعة، ويتمنون ارتفاعه لحظة فلحظة (1) ليثبوا إلى مطامعهم من نقل السلطان - كما كانوا
(١٠٠)