في أضعافها من ملحوظات أحاديثه المعدودة من أعلام النبوة، وغيبيات الرسالة، ورأى في تعيينه عليا (باللازم) و (الضمن) من الدلالات، تعبيرا أدل على التبليغ، وأوفى بالغرض من النصوص المكشوفة، بما في النص باللازم من حرص على استيفاء أقصى ما يمكن استيفاؤه من وسائل البلاغ. فهم - مثلا - من قول النبي له - لعمار -: " تقتلك الفئة الباغية " نصا غير مباشر على علي، وإن شئت فقل: إنه فهم من هذه القولة أن النبي أقام منه قرينة تفسر صراحة النص على أبي الحسن، وتمنع عنه تأول المتسامحين بفهم النصوص كما أرادها واضعها. وقل: إنه فهم نحو هذا الفهم من قول النبي لعائشة:
" لا تكونيها يا حميراء " وهو يحدثها عن خروج إحدى زوجاته على علي وهي له ظالمة، مشيرا إلى يوم الجمل، وفهم كذلك فهما على هذا النحو من قوله - صلى الله عليه وآله - لعلي: " لك مثلها ". حين أبى المشركون الاعتراف له بصفته الرسولية في إحدى معاهداته إلى كثير مستفيض من هذه الأقوال المهتمة بمستقبل علي اهتماما يلزم الأمة بمجرده أبلغ ما تلزمها به النصوص، فلو لم يثبت نص صريح لكان هذا ونحوه كافيا وفوق الكفاية.
وما شك في أن عمارا خرج من هذا كله موقنا أن النبي عين خليفته تعيينا لا مجال إلى الشك فيه، وأنه صدر في هذا التعيين عن مبدأ لا يبطله - ولا يغير من إلزامه في النظام الإسلامي شيئا - ما فرضه الواقع بعدئذ على كثير من المسلمين من التأويل أو الانكار أو الانحراف بالتفاسير. كان هذا رأي