حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ١٠٤
ومن كعمار رفيقا للإسلام مخلصا فيه حريصا على أتباعه؟
وإنه ليشهد النبي مفتنا بالنص لا يقف منه على صيغة واحدة، ولا على حال واحد، ولا على زمان معين، ولا على مكان مخصوص وإنما يسوق النصوص بسخاء عجيب، وفن أعجب، ويبثها في أزمنة تبتدئ مع البعثة، وتنتهي في آخر لحظة من حياته فيكون آخر ما تكلم به النبي نصه على أبي حسن، يبتدئ زمان النصوص مع إنذاره عشيرته الأقربين من فجر الرسالة، وينتهي على فراش مرضه الأخير من غروب الوحي، ويبثها في أمكنة لا تحصى بين شعب أبي طالب في مكة حيث بدأ الدعوة، وبين منزله من مسجده في المدينة حيث أنهاها، ثم لا ينص على أبي الحسن فقط، بل يخوله أن ينص هو على من سماهم له من أبنائه الذين أمر بالنص عليهم كذلك، وإذا هذه النصوص المتواترة الملحة تأتي، ومنها قرآني كالذي سمعت من الآية، ومنها نبوي كحديث المنزلة ونص الغدير، ومنها مقالي ككل النصوص القرآنية والنبوية، ومنها حالي كاستخلافه في مكة على ودائعه وتبييته في فراشه يوم الهجرة، وكاستخلافه على المدينة يسوسها ويدبر أمرها يوم تبوك، وكاستخلافه على تبليغ سورة براءة يوم حج أبي بكر، وانتدابه لكل أمر - بعد ذلك - يعضل على غيره من الصحابة سابقين ولاحقين.
قال المحدث: فإذا تجاوز عمار هذه الألوان من النصوص الملفوظة الصريحة المباشرة (للتعيين) رأى روحها هذه تمشي
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست