يرونه - من بيته إلى بيوتهم، ويتناقلوه مستأثرين به دون أهله.
ولم يكن النبي يخشى على سلطة الإسلام من عدو وراء الجزيرة، فقد تحصنت هذه السلطة بأسوار من أتباعها داخل الجزيرة فلا تقتحم. ثم لم يكن يخشى على سلطة الإسلام من أتباعها الممتدين في طول الجزيرة وعرضها من ملوك وسوقة، فهؤلاء هم عدتها لكل فتح، وجندها على كل عدو، ولكنه كان يخشى على سلطة الإسلام من أحزاب عاصمته بالذات، وممن يدل عليه وعلى سلطة الإسلام بالسبق أو الإيواء، وممن دخلوا الإسلام والتحقوا بخاصته طامعين بالملك، طامحين إلى الثروة، كان يخشى على سلطة الإسلام هؤلاء ممن يلازمونه حاضرا ومسافرا، ويلازمونه محاربا ومسالما، ويلازمونه يقظان ونائما، ثم لا يخشى عليها منهم إلا تنكرهم لمثلها العليا، وإلا تسخيرهم أغراضها السماوية لأغراضهم الأرضية، ولولا هذه الخشية للحق برفيقه الأعلى قرير عين مثلج صدر.
قال المحدث: هذا مما رآه عمار مقلقا للنبي. يمد طرفه فيرى ميراثه وقد أصبح بعده فتنة تكاد تفسد رسالته التي بها بعث، والتي من أجلها أوذي، والتي في سبيلها لقي ما لقي من عنت وعناء وخطوب.
قال: ولم يكن النبي يتأرق لأنه لم يجد الخليفة الراشد المتمم لرسالته على نحو ما أراد الله، وإنما كان أرقه يطول لأنه