حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٩٤
ما احتمل، ونهض بما تنوء تحته الجبال ثمنا لهدى عشرين سنة فقط؟ خسر - إذن - عمار وضل وفأل رأيه!.
قال المحدث: هذا كان من حساب عمار عندما خير واختار، منحازا إلى أصغر كتلة حجما وأكبرها معنى، وكان الناس من مهاجرين وأنصار أحزابا، إذ ظهرت بعد النبي معلنة تعافس وتشاكس، فقد كانت قائمة في عهد النبي يعرفها، ويعلم ذوات صدورها ويعلن من أمرها ما حفظه عمار، وأدرك مغزاه، ووطن نفسه على احتمال شدائده. وقد علم فيما علم أن المدينة تنغلق على أربعة أحزاب، ثلاثة منها زمنية أتم ما تكون الأحزاب السياسية في كل عصر، فهي أحزاب مصلحية تتضارب حين تشاء لها مصالحها أن تتضارب، وتتصافح حين تشاء لها مصالحها أن تتصافح، وعلم أنها متفقة في مكمنها من عهد النبي اتفاق طريق، فهي مجتمعة على مصلحتها المشتركة التي بدت لهم في إزاحة علي عن مركزه. ثم رآها من بعد مختلفة أشد الاختلاف، يفئ أكثرها إلى علي، وينادي باسمه، ثم ينحرف بعض، ويستقيم مستمرا في الاستقامة لعلي بعض آخر، وعلي ماض لشأن الحق لا يحزنه من انحرف. ولا يفرحه من استقام.
قال المحدث: أما هذه الأحزاب الأربعة التي رآها عمار واختار أضعفها دنيا، وأقواها آخرة.
فأولها حزب أبي بكر وعمر، وكان هذا حزب الساعة بمن
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست