رغم ما كان يلقاه من صدود ولا مبالاة من قبل الكثيرين، وذلك ما كان يؤلمه أشد الايلام، حتى لقد قال في إحدى كلماته: ولا لوم على مثلي لو تشاءم واستولى عليه اليأس والقنوط بعد تلك الخطب الفياضة الملتهبة التي ألقيتها على الجماهير المكتظة في عواصم الاسلام: كالقدس، وبيروت، ودمشق، وجامع البصرة، ومسجد الكوفة، وبغداد، والتي طبع غير واحد منها، كخطبة القدس التأريخية، وخطبة الاتحاد والاقتصاد، والخطب الأربع، وغير ذلك.
ألقينا كل هذه وأضعافها شعلة ملتهبة في حث المسلمين والعرب على الوحدة والاخلاص، وما يلزم، عليهم لجمع شتاتهم، واستعادة مجدهم، وقلنا كلمتنا المشهورة: إن الاسلام يرتكز على دعامتين: كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة، وذكرنا كيف ينبغي أن يتحد المسلمون في مقدمة رسالتنا (أصل الشيعة) وأن كل ذلك ذهب مع الريح، فكأن الحوار كان مع جدار، أو كأنما كنا نخطب على أصنام وأحجار، وإلا فأين الآثار (1)..؟!
ومن ثم فإن المرء عندما يتأمل في هذه العبارات الملتاعة يدرك مدى تمكن حرص صاحبها على وحدة المسلمين في قلبه، وسريانه في شرايينه وأوردته.. ولا غرابة في ذلك فلقد عهد منه المسلمون المعاصرون له تلك الرغبة المخلصة والصادقة في سلوكه وقوله، وقد تقدم منا الحديث عن بعض ذلك، فراجع.
وللحقيقة أقول: إن دراسة دور الشيخ كاشف الغطاء في عملية التقريب بين المذاهب الاسلامية تستلزم الكثير من الاستقراء العلمي الرصين والمتأني لجملة مؤلفاته، وكلماته، وخطبه، ورحلاته، وغير ذلك، وذلك ما لا يسعنا خوض غماره في هذه العجالة، ومن خلال هذا المدى