ثم أكد ذلك في مواطن أخرى تلويحا وتصريحا، إشارة ونصا، حتى أدى الوظيفة، وبلغ عند الله المعذرة.
ولكن كبار المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وآله تأولوا تلك النصوص، نظرا منهم لصالح الاسلام حسب اجتهادهم فقدموا وأخروا، وقالوا: الأمر يحدث بعده الأمر.
وامتنع علي وجماعة من عظماء الصحابة عن البيعة أولا، ثم رأى [أن] امتناعه من الموافقة والمسالمة ضرر كبير على الاسلام، بل ربما ينهار عن أساسه، وهو بعد في أول نشوئه وترعرعه، وأنت تعلم أن للاسلام عند أمير المؤمنين عليه السلام من العزة والكرامة، والحرص عليه والغيرة، بالمقام الذي يضحي له بنفسه وأنفس مالديه، وكم قذف بنفسه في لهوات المنايا تضحية للاسلام. وزد على ذلك أنه رأى الرجل الذي تخلف على المسلمين قد نصح للاسلام، وصار يبذل جهده في قوته وإعزازه، وبسط رايته على البسيطة، وهذا أقصى ما يتوخاه أمير المؤمنين من الخلافة والإمرة، فمن ذلك كله تابع وبايع (1)، حيث رأى أن بذلك مصلحة الاسلام، وهو على منصبه الإلهي من الإمامة، وإن سلم لغيره التصرف والرئاسة العامة، فإن ذلك المقام مما يمتنع التنازل عنه بحال من الأحوال.
أما حين انتهى الأمر إلى معاوية، وعلم أن موافقته ومسالمته وإبقائه واليا