جعفر (عليه السلام) قال: أتى رأس اليهود إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند منصرفه من وقعة النهروان وهو جالس في مسجد الكوفة فقال: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي فإن شئت سألتك وإن شئت أعفيك، قال: سل ما بدا لك يا أخا اليهود، فقال: إنا نجد في الكتاب إن الله عز وجل إذا بعث نبيا أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته من يقوم بأمر أمته من بعده، وأن يعهد إليهم فيه عهدا يحتذي عليه ويعمل به في أمته من بعده، وإن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء ويمتحنهم بعد وفاتهم، فأخبرني كم يمتحن الله الأوصياء في حياة الأنبياء وكم يمتحنهم بعد وفاتهم من مرة؟ وإلى ما يصير آخر أمر الأوصياء إذا رضى محنتهم؟
فقال له علي (عليه السلام): والله الذي لا إله غيره الذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى لئن أخبرتك بحق عما تسأل عنه لتقرن به؟
قال: نعم.
قال: والذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى (عليه السلام) لئن أجبتك لتسلمن، فقال:
نعم، فقال علي (عليه السلام): إن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم، وتصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء، ثم يمتحن الأوصياء بعد وفاة الأنبياء (عليهم السلام) في سبعة مواطن ليبلو صبرهم، فإذا رضي محنتهم ختم له بالسعادة ليلحقهم بالأنبياء وقد أكمل لهم السعادة. قال له رأس اليهود: صدقت يا أمير المؤمنين فأخبرني كم امتحنك الله في حياة محمد من مرة وكم امتحنك بعد وفاته من مرة وإلى ما يصير آخر أمرك؟ فأخذ علي (عليه السلام) بيده وقال: انهض بنا أنبئك بذلك يا أخا اليهود، فقام إليه جماعة من أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين أنبئنا بذلك معه. فقال: إني أخاف أن لا تحتمله قلوبكم؟ قالوا: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟
قال: لأمور بدت لي من كثير منكم. فقام إليه الأشتر فقال: يا أمير المؤمنين أنبأنا بذلك فوالله إنا لنعلم أنه ما على ظهر الأرض وصي نبي سواك وإنا لنعلم أن الله لا يبعث بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) نبيا سواه، وإن طاعتك لفي أعناقنا موصولة بطاعة نبينا.
فجلس علي (عليه السلام) وأقبل على اليهودي فقال: يا أخا اليهود إن الله امتحنني في حياة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) في سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية لنفسي بنعمة الله له مطيعا. قال: فيم وفيم يا أمير المؤمنين؟ قال: أما أولهن وساق الحديث ذكر الأدلة والثانية والثالثة والرابعة إلى أن قال: وأما الخامسة يا أخا اليهود فإن قريشا والعرب تجمعت وعقدت بينها عقدا وميثاقا لا ترجع من وجهها