الإثنا عشرية - الحر العاملي - الصفحة ٤٥
أسمر اللون منفردا ليس معه شئ فقلت في نفسي هذا رجل من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس فنظر إلي وقال يا شقيق (اجتنبوا كثيرا من الظن أن بعض الظن إثم) فندمت وقلت هذا رجل صالح قد سماني وأخبرني بما في نفسي من غير أن أنطق به لاعتذرن إليه إذا رأيته فلما رآني مرة أخرى قال يا شقيق وإني لغفار لمن آمن وعمل صالحا ثم اهتدى فلما وصل إلى مكة سألت عنه فقيل لي هذا موسى بن جعفر عليهم السلام (1).
أقول: فانظر إلى إنكاره على من ينسب إليه التصوف الذي لم يرد به الشرع ونهيه له عن ذلك وأمره إياه باجتناب هذه التهمة فلم يرض بهذه التسمية، ولما سماها بصالح الموافق لنصوص الشرع ونسب إليه هذا الاسم رضى بذلك وعده توبة منه وهداية وعملا صالحا فعلم أن النسبة الأولى ذنب وضلال وعمل سيئ، وذلك كله واضح ولا يظن أن الانكار لقوله: يريد أن يكون كلا على الناس لأنه لم يصرح بنفيه في مقام ذكر الصلاح ولو لم يرد ما قلنا لفسدت المقابلة، فظهر أن هذا الاسم غير معهود شرعا وكيف يجوز ذكر الصوفي في هذا المقام مع فرض عدم مدخليته في العام ثم يصرح الإمام بما صرح؟! وهل ذلك ح إلا إغراء بالجهل فعلم أنه هو المقصود، أوله مدخل تام فيه والمقابلة تقرب الأول.
واعلم - أن من جملة من نقل الاجماع السيد الجليل أبا المعالي محمد بن نعمة الله الحسيني رحمه الله في كتابه الذي صنفه في الملل والأديان في بحث مذهب الصوفية وأكثر أهل السنة والجماعة أنكروا الصوفية وجميع الشيعة أنكروهم ونقلوا عن أئمتهم أحاديث في مذمتهم إلى أن قال: وكل الشيعة على كفرهم والرد عليهم بطريق المبالغة العظيمة إلى وجه لم يجوزوا لغير الضرورة التسمية بالصوفية ورووا بهذا المعنى أحاديث كثيرة عن أئمتهم عليهم السلام (انتهى).
ولنذكر في هذا المقام إشارة إلى بعض من رد عليهم من العلماء وقال: بكفرهم

(1) أخرجه البحراني رحمه الله بتمامه في حلية الأبرار راجع ج 2 ص 245.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 2
2 الباب الأول: في ابطال النسبة وذمها 10
3 الباب الثاني: في ابطال التصوف وذمه 23
4 الباب الثالث: في ابطال اعتقاد الحلول والاتحاد 57
5 الباب الرابع: في ابطال الكشف الذي يدعونه 81
6 الباب الخامس: في ابطال ما يعتقدونه من سقوط التكاليف الشرعية عند ذلك الكشف 88
7 الباب السادس: في ابطال ما يفعلونه من الجلوس في الشتاء وما ابتدعوه من الرياضة وترك اللحم 98
8 الباب السابع: في ابطال ما يجعلونه من أفضل العبادات من الفتل والسقوط على الأرض 112
9 الباب الثامن: في ابطال ما يعتقدونه من أفضل العبادات أيضا من الرقص والصفق بالأيدي والصياح 116
10 الباب التاسع: في اثبات ما يبطلونه ويمنعون منه من السعي على الرزق وطلب المعاش والتجمل ونحوها 118
11 الباب العاشر: في تحريم ما يستحلونه ويعدونه عبادة من الغنا على وجه العموم والخصوص صورة كونه في القرآن والذكر 123
12 الباب الحادي عشر: في ابطال ما يفعلونه من الذكر الخفي والجلي على ما ابتدعوه 148
13 الباب الثاني عشر: في ابطال ما صار شعارا لهم من موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله وفيه اثنا عشر فصلا 151
14 الفصل الأول: في تحريم الاقتداء بأعداء الدين ومشابهتهم ومشاكلتهم 158
15 الفصل الثاني: في تحريم الابتداع في الدين 160
16 الفصل الثالث: في ذكر بعض مطاعن مشايخ الصوفية 163
17 الفصل الرابع: في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 183
18 الفصل الخامس: في تحريم ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 185
19 الفصل السادس: في وجوب المجادلة في الدين والمناظرة لبيان الحق 187
20 الفصل السابع: في وجوب جهاد النفس وأعداء الدين 188
21 الفصل الثامن: في وجوب اجتناب معاشرة أهل البدع والمعاصي 190
22 الفصل التاسع: في جواز لعن المبتدعين والمخالفين والبراءة منهم 193
23 الفصل العاشر: في تحريم التعصب بالباطل 196
24 الفصل الحادي عشر: في عدم جواز حسن الظن بالعامة واتباع شيء من طريقتهم المختصة بهم 197
25 الفصل الثاني عشر: في وجوب جهاد النفس والكفر والابتداع والفسق 200