لسان العرب - ابن منظور - ج ١١ - الصفحة ٥٤٨
نهيا عن قتلهم في غير حد ولا قصاص. وفي حديث سمرة: من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه، قال ابن الأثير: ذكر في رواية الحسن أنه نسي هذا الحديث فكان يقول لا يقتل حر بعبد، قال: ويحتمل أن يكون الحسن لم ينس الحديث، ولكنه كان يتأوله على غير معنى الإيجاب ويراه نوعا من الزجر ليرتدعوا ولا يقدموا عليه كما قال في شارب الخمر: إن عاد في الرابعة أو الخامسة فاقتلوه، ثم جئ به فيها فلم يقتله، قال: وتأوله بعضهم أنه جاء في عبد كان يملكه مرة ثم زال ملكه عنه فصار كفؤا له بالحرية، قال: ولم يقل بهذا الحديث أحد إلا في رواية شاذة عن سفيان والمروي عنه خلافه قال: وقد ذهب جماعة إلى القصاص بين الحر وعبد الغير، وأجمعوا على أن القصاص بينهم في الأطراف ساقط، فلما سقط الجدع بالإجماع سقط القصاص لأنهما ثبتا معا، فلما نسخا نسخا معا، فيكون حديث سمرة منسوخا، وكذلك حديث الخمر في الرابعة والخامسة، قال: وقد يرد الأمر بالوعيد ردعا وزجرا وتحذيرا ولا يراد به وقوع الفعل، وكذلك حديث جابر في السارق: أنه قطع في الأولى والثانية والثالثة إلى أن جئ به في الخامسة فقال اقتلوه، قال جابر: فقتلناه، وفي إسناده مقال قال: ولم يذهب أحد من العلماء إلى قتل السارق وإن تكررت منه السرقة.
ومن أمثالهم: مقتل الرجل بين فكيه أي سبب قتله بين لحييه وهو لسانه. وقوله في حديث زيد بن ثابت: أرسل إلي أبو بكر مقتلع أهل اليمامة، المقتل مفعل من القتل، قال: وهو ظرف زمان ههنا أي عند قتلهم في الوقعة التي كانت باليمامة مع أهل الردة في زمن أبي بكر، رضي الله عنه.
وتقاتل القوم واقتتلوا وتقتلوا وقتلوا وقتلوا، قال سيبويه:
وقد أدغم بعض العرب فأسكن لما كان الحرفان في كلمة واحدة ولم يكونا منفصلين، وذلك قولهم يقتلون وقد قتلوا، وكسروا القاف لأنهما ساكنان التقيا فشبهت بقولهم رد يا فتى، قال: وقد قال آخرون قتلوا، ألقوا حركة المتحرك على الساكن، قال: وجاز في قاف اقتتلوا الوجهان ولم يكن بمنزلة عص وقر يلزمه شئ واحد لأنه لا يجوز في الكلام (* قوله لأنه لا يجوز في الكلام إلخ هكذا في الأصل) فيه الإظهار والإخفاء والإدغام، فكما جاز فيه هذا في الكلام وتصرف دخله شيئان يعرضان في التقاء الساكنين، وتحذف ألف الوصل حيث حركت القاف كما حذفت الألف التي في رد حيث حركت الراء، والألف التي في قل لأنهم حرفان في كلمة واحدة لحقها الإدغام، فحذفت الألف كما حذفت في رب لأنه قد أدغم كما أدغم، قال: وتصديق ذلك قراءة الحسن: إلا من خطف الخطفة، قال: ومن قال يقتل قال مقتل، ومن قال يقتل قال مقتل، وأهل مكة يقولون مقتل يتبعون الضمة الضمة. قال سيبويه:
وحدثني الخليل وهارون أن ناسا يقولون مردفين يريدون مرتدفين أتبعوا الضمة الضمة، وقول منظور بن مرثد الأسدي:
تعرضت لي بمكان حل، تعرض المهرة في الطول، تعرضا لم تأل عن قتللي أراد عن قتلي، فلما أدخل عليه لازما مشددة كما أدخل نونا مشددة في قول دهلب بن قريع:
جارية ليست من الوخشن أحب منك موضع القرطن
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»
الفهرست