احتملوها أدوها في ثلاث سنين، وإن لم يحتملوها رفعت إلى بني جده، فإن لم يحتملوها رفعت إلى بني جد أبيه، فإن لم يحتملوها رفعت إلى بني جد أبي جده، ثم هكذا لا ترفع عن بني أب حتى يعجزوا. قال: ومن في الديوان ومن لا ديوان له في العقل سواء، وقال أهل العراق: هم أصحاب الدواوين، قال إسحق بن منصور: قلت لأحمد بن حنبل من العاقلة؟ فقال: القبيلة إلا أنهم يحملون بقدر ما يطيقون، قال: فإن لم تكن عاقلة لم تجعل في مال الجاني ولكن تهدر عنه، وقال إسحق: إذا لم تكن العاقلة أصلا فإنه يكون في بيت المال ولا تهدر الدية، قال الأزهري: والعقل في كلام العرب الدية، سميت عقلا لأن الدية كانت عند العرب في الجاهلية إبلا لأنها كانت أموالهم، فسميت الدية عقلا لأن القاتل كان يكلف أن يسوق الدية إلى فناء ورثة المقتول فيعقلها بالعقل ويسلمها إلى أوليائه، وأصل العقل مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، وهو حبل تثنى به يد البعير إلى ركبته فتشد به، قل ابن الأثير: وكان أصل الدية الإبل ثم قومت بعد ذلك بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها، قال الأزهري: وقضى النبي، صلى الله عليه وسلم، في دية الخطأ المحض وشبه العمد أن يغرمها عصبة القاتل ويخرج منها ولده وأبوه، فأما دية الخطأ المحض فإنها تقسم أخماسا: عشرين ابنة مخاض، وعشرين ابنة لبون، وعشرين ابن لبون، وعشرين حقة، وعشرين جذعة، وأما دية شبه العمد فإنها تغلظ وهي مائة بعير أيضا: منها ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة، فعصبة القاتل إن كان القتل خطأ محضا غرموا الدية لأولياء القتيل أخماسا كما وصفت، وإن كان القتل شبه العمد غرموها مغلظة كما وصفت في ثلاث سنين، وهم العاقلة. ابن السكيت: يقال عقلت عن فلان إذا أعطيت عن القاتل الدية، وقد عقلت المقتول أعقله عقلا، قال الأصمعي: وأصله أن يأتوا بالإبل فتعقل بأفنية البيوت، ثم كثر استعمالهم هذا الحرف حتى يقال: عقلت المقتول إذا أعطيت ديته دراهم أو دنانير، ويقال: عقلت فلانا إذا أعطيت ديته ورثته بعد قتله، وعقلت عن فلان إذا لزمته جناية فغرمت ديتها عنه. وفي الحديث: لا تعقل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا أي أن كل جناية عمد فإنها في مال الجاني خاصة، ولا يلزم العاقلة منها شئ، وكذلك ما اصطلحوا عليه من الجنايات في الخطأ، وكذلك إذا اعترف الجاني بالجناية من غير بينة تقوم عليه، وإن ادعى أنها خطأ لا يقبل منه ولا يلزم بها العاقلة، وروي:
لا تعقل العاقلة العمد ولا العبد، قال ابن الأثير: وأما العبد فهو أن يجني على حر فليس على عاقلة مولاه شئ من جناية عبده، وإنما جنايته في رقبته، وهو مذهب أبي حنيفة، وقيل: هو أن يجني حر على عبد خطأ فليس على عاقلة الجاني شئ، إنما جنايته في ماله خاصة، وهو قول ابن أبي ليلى وهو موافق لكلام العرب، إذ لو كان المعنى على الأول لكان الكلام: لا تعقل العاقلة على عبد، ولم يكن لا تعقل عبدا، واختاره الأصمعي وصوبه وقال: كلمت أبا يوسف القاضي في ذلك بحضرة الرشيد فلم يفرق بين عقلته وعقلت عنه حتى فهمته، قال: ولا يعقل حاضر على باد، يعني أن القتيل إذا كان في القرية فإن أهلها يلتزمون بينهم الدية ولا يلزمون أهل الحضر منها شيئا. وفي حديث عمر: أن رجلا أتاه فقال: إن ابن عمي شج موضحة، فقال: