لسان العرب - ابن منظور - ج ١١ - الصفحة ١٧٥
وقيل: ليس متخلقا بأخلاقنا ولا عاملا بسنتنا، وقوله عز وجل: وكأين من دابة لا تحمل رزقها، قال: معناه وكم من دابة لا تدخر رزقها إنما تصبح فيرزقها الله. والحمل: ما حمل، والجمع أحمال، وحمله على الدابة يحمله حملا. والحملان: ما يحمل عليه من الدواب في الهبة خاصة. الأزهري: ويكون الحملان أجرا لما يحمل. وحملت الشئ على ظهري أحمله حملا. وفي التنزيل العزيز: فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حملا، أي وزرا.
وحمله على الأمر يحمله حملا فانحمل: أغراه به، وحمله على الأمر تحميلا وحمالا فتحمله تحملا وتحمالا، قال سيبويه: أرادوا في الفعال أن يجيئوا به على الإفعال فكسروا أوله وألحقوا الألف قبل آخر حرف فيه، ولم يريدوا أن يبدلوا حرفا مكان حرف كما كان ذلك في أفعل واستفعل. وفي حديث عبد الملك في هدم الكعبة وما بنى ابن الزبير منها: وددت أني تركته وما تحمل من الإثم في هدم الكعبة وبنائها. وقوله عز وجل: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، قال الزجاج: معنى يحملنها يخنها، والأمانة هنا: الفرائض التي افترضها الله على آدم والطاعة والمعصية، وكذا جاء في التفسير والإنسان هنا الكافر والمنافق، وقال أبو إسحق في الآية: إن حقيقتها، والله أعلم، أن الله تعالى ائتمن بني آدم على ما افترضه عليهم من طاعته وأتمن السماوات والأرض والجبال بقوله: ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين، فعرفنا الله تعالى أن السماوات والأرض لم تحم الأمانة أي أدتها، وكل من خان الأمانة فقد حملها، وكذلك كل من أثم فقد حمل الإثم، ومنه قوله تعالى:
وليحملن أثقالهم، الآية، فأعلم الله تعالى أن من باء بالإثم يسمى حاملا للإثم والسماوات والأرض أبين أن يحملنها، يعني الأمانة.
وأدينها، وأداؤها طاعة الله فيما أمرها به والعمل به وترك المعصية، وحملها الإنسان، قال الحسن: أراد الكافر والمنافق حملا الأمانة أي خانا ولم يطيعا، قال: فهذا المعنى، والله أعلم، صحيح ومن أطاع الله من الأنبياء والصديقين والمؤمنين فلا يقال كان ظلوما جهولا، قال: وتصديق ذلك ما يتلو هذا من قوله: ليعذب الله المنافقين والمنافقات، إلى آخرها، قال أبو منصور: وما علمت أحدا شرح من تفسير هذه الآية ما شرحه أبو إسحق، قال: ومما يؤيد قوله في حمل الأمانة إنه خيانتها وترك أدائها قول الشاعر:
إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة، وتحمل أخرى، أفرحتك الودائع أراد بقوله وتحمل أخرى أي تخونها ولا تؤديها، يدل على ذلك قوله أفرحتك الودائع أي أثقلتك الأمانات التي تخونها ولا تؤديها. وقوله تعالى: فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم، فسره ثعلب فقال: على النبي، صلى الله عليه وسلم، ما أحي إليه وكلف أن ينبه عليه، وعليكم أنتم الاتباع. وفي حديث علي: لا تناظروهم بالقرآن فإن القرآن حمال ذو وجوه أي يحمل عليه كل تأويل فيحتمله، وذو وجوه أي ذو معان مختلفة. الأزهري: وسمى الله عز وجل الإثم حملا فقال: وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شئ ولو كان ذا قربى، يقول: وإن تدع نفس مثقلة بأوزارها ذا قرابة لها إلى أن يحمل من أوزارها شيئا لم يحمل من أوزارها شيئا. وفي حديث الطهارة: إذا كان الماء
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست