لسان العرب - ابن منظور - ج ٦ - الصفحة ١١
وفي حديث ابن صياد: قال النبي، صلى الله عليه وسلم، ذات يوم: انطلقوا بنا إلى أنيسيان قد رأينا شأنه، وهو تصغير إنسان، جاء شاذا على غير قياس، وقياسه أنيسان، قال: وإذا قالوا أناسين فهو جمع بين مثل بستان وبساتين، وإذا قالوا أناسي كثيرا فخففوا الياء أسقطوا الياء التي تكون فيما بين عين الفعل ولامه مثل قراقير وقراقر، ويبين جواز أناسي، بالتخفيف، قول العرب أناسية كثيرة، والواحد إنسي وأناس إن شئت. وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال: إنما سمي الإنسان إنسانا لأنه عهد إليه فنسي، قال أبو منصور: إذا كان الإنسان في الأصل إنسيان، فهو إفعلان من النسيان، وقول ابن عباس حجة قوية له، وهو مثل ليل إضحيان من ضحي يضحى، وقد حذفت الياء فقيل إنسان. وروى المنذري عن أبي الهيثم أنه سأله عن الناس ما أصله؟ فقال: الأناس لأن أصله أناس فالألف فيه أصيلة ثم زيدت عليه اللام التي تزاد مع الألف للتعريف، وأصل تلك اللام (* قوله وأصل تلك اللام إلى قوله فلما زادوهما كذا بالأصل.) إبدالا من أحرف قليلة مثل الاسم والابن وما أشبهها من الألفات الوصلية فلما زادوهما على أناس صار الاسم الأناس، ثم كثرت في الكلام فكانت الهمزة واسطة فاستثقلوها فتركوها وصار الباقي: الناس، بتحريك اللام بالضمة، فلما تحركت اللام والنون أدغموا اللام في النون فقالوا:
الناس، فلما طرحوا الألف واللام ابتدأوا الاسم فقالوا: قال ناس من الناس. قال الأزهري: وهذا الذي قاله أبو الهيثم تعليل النحويين، وإنسان في الأصل إنسيان، وهو فعليان من الإنس والألف فيه فاء الفعل، وعلى مثاله حرصيان، وهو الجلد الذي يلي الجلد الأعلى من الحيوان، سمي حرصيانا لأنه يحرص أي يقشر، ومنه أخذت الحارصة من الشجاج، يقال رجل حذريان إذا كان حذرا. قال الجوهري: وتقدير إنسان فعلان وإنما زيد في تصغيره ياء كما زيد في تصغير رجل فقيل رويجل، وقال قوم: أصله إنسيان على إفعلان، فحذفت الياء استخفافا لكثرة ما يجري على ألسنتهم، فإذا صغروه ردوهما لأن التصغير لا يكثر. وقوله عز وجل: أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم، الناس ههنا أهل مكة الأناس لغة في الناس، قال سيبويه: والأصل في الناس الأناس مخففا فجعلوا الألف واللام عوضا عن الهمزة وقد قالوا الأناس، قال الشاعر:
إن المنايا يطلع‍ - ن على الأناس الآمنينا وحكى سيبويه: الناس الناس أي الناس بكل مكان وعلى كل حال كما نعرف، وقوله:
بلاد بها كنا، وكنا نحبها، إذ الناس ناس، والبلاد بلاد فهذا على المعنى دون اللفظ أي إذ الناس أحرار والبلاد مخصبة، ولولا هذا الغرض وأنه مراد معتزم لم يجز شئ من ذلك لتعري الجزء الأخير من زيادة الفائدة عن الجزء الأول، وكأنه أعيد لفظ الأول لضرب من الإدلال والثقة بمحصول الحال، وكذلك كل ما كان مثل هذا.
والنات: لغة في الناس على البدل الشاذ، وأنشد:
يا قبح الله بني السعلاة عمرو بن يربوع شرار النات، غير أعفاء ولا أكيات أراد ولا أكياس فأبدل التاء من سين الناس والأكياس
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة