لسان العرب - ابن منظور - ج ٦ - الصفحة ٢٢
وشاكرا له عليه غير متسخط منه، ويجوز في منه أن تكون متعلقة بأقبل أي أقبله منه غير متسخط ولا مشتد أمره علي، وبعده:
لقد علمت بأني غالي خلقي على السماحة، صعلوكا وذا مال والمال يغشى أناسا لا طباخ بهم، كالسل يغشى أصول الدندن البالي والطباخ: القوة والسمن. والدندن: ما بلي وعفن من أصول الشجر. وقال الزجاج: المبتئس المسكين الحزين، وبه فسر قوله تعالى:
فلا تبتئس بما كانوا يعملون، أي لا تحزن ولا تستكن.
أبو زيد: وابتأس الرجل إذا بلغه شئ يكرهه، قال لبيد:
في ربرب كنعاج صا رة يبتئسن بما لقينا وفي الحديث في صفة أهل الجنة: إن لكم أن تنعموا فلا تبؤسوا، بؤس يبؤس، بالضم فيهما، بأسا إذا اشتد. والمبتئس: الكاره والحزين. والبؤوس: الظاهر البؤس.
وبئس: نقيض نعم، وقوله أنشده ابن الأعرابي:
إذا فرغت من ظهره بطنت له أنامل لم يبأس عليها دؤوبها فسره فقال: يصف زماما، وبئسما دأبت (* قوله وبئسما دأبت كذا بالأصل ولعله مرتبط بكلام سقط من الناسخ.) أي لم يقل لها بئسما عملت لأنها عملت فأحسنت، قال لم يسمع إلا في هذا البيت. وبئس: كلمة ذم، ونعم: كلمة مدح. تقول: بئس الرجل زيد وبئست المرأة هند، وهما فعلان ماضيان لا يتصرفان لأنهما أزيلا عن موضعهما، فنعم منقول من قولك نعم فلان إذا أصاب نعمة، وبئس منقول من بئس فلان إذا أصاب بؤسا، فنقلا إلى المدح والذم فشابها الحروف فلم يتصرفا، وفيهما لغات تذكر في ترجمة نعم، إن شاء الله تعالى. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: بئس أخو العشيرة، بئس مهموز فعل جامع لأنواع الذم، وهو ضد نعم في المدح، قال الزجاج: بئس ونعم هما حرفان لا يعملان في اسم علم، إنما يعملان في اسم منكور دال على جنس، وإنما كانتا كذلك لآن نعم مستوفية لجميع المدح، وبئس مستوفية لجميعي الذم، فإذا قلت بئس الرجل دللت على أنه قد استوفى الذم الذي يكون في سائر جنسه، وإذا كان معهما اسم جنس بغير ألف ولام فهو نصب أبدا، فإذا كانت فيه الألف واللام فهو رفع أبدا، وذلك قولك نعم رجلا زيد ونعم الرجل زيد وبئس رجلا زيد وبئس الرجل زيد، والقصد في بئس ونعم أن يليهما اسم منكور أو اسم جنس، وهذا قول الخليل، ومن العرب من يصل بئس بما قال الله عز وجل: ولبئسما شروا به أنفسهم. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: بئسما لأحدكم أن يقول نسيت أنه كيت وكيت، أما إنه ما نسي ولكنه أنسي.
والعرب تقول: بئسما لك أن تفعل كذا وكذا، إذا أدخلت ما في بئس أدخلت بعد ما أن مع الفعل: بئسما لك أن تهجر أخاك وبئسما لك أن تشتم الناس، وروى جميع النحويين: بئسما تزويج ولا مهر، والمعنى فيه: بئس تزويج ولا مهر، قال الزجاج: بئس إذا وقعت على ما جعلت ما معها بمنزلة اسم منكور لأن بئس ونعم لا يعملان في اسم علم إنما يعملان في اسم منكور دال
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة