لسان العرب - ابن منظور - ج ٦ - الصفحة ١٠
يشبهونها بمذ إذا رفعت في قولك ما رأيته مذ أمس، ولما كانت أمس معربة بعد مذ التي هي اسم، كانت أيضا معربة مع مذ التي هي حرف لأنها بمعناها، قال: فبان لك بهذا غلط من يقول إن أمس في قوله:
لقد رأيت عجبا مذ أمسا مبنية على الفتح بل هي معربة، والفتحة فيها كالفتحة في قولك مررت بأحمد، وشاهد بناء أمس إذا كانت في موضع نصب قول زياد الأعجم:
رأيتك أمس خير بني معد، وأنت اليوم خير منك أمس وشاهد بنائها وهي في موضع الجر وقول عمرو بن الشريد:
ولقد قتلتكم ثناء وموحدا، وتركت مرة مثل أمس المدبر وكذا قول الآخر:
وأبي الذي ترك الملوك وجمعهم، بصهاب، هامدة كأمس الدابر قال: واعلم أنك إذا نكرت أمس أو عرفتها بالألف واللام أو أضفتها أعربتها فتقول في التنكير: كل غد صائر أمسا، وتقول في الإضافة ومع لام التعريف: كان أمسنا طيبا وكان الأمس طيبا، وشاهده قول نصيب:
وإني حبست اليوم والأمس قبله ببابك، حتى كادت الشمس تغرب (* ذكر هذا البيت في صفحة؟؟ وفيه: وإني وقفت بدلا من: وإني حبست. وهو في الأغاني: وإني نويت.) قال: وكذلك لو جمعته لأعربته كقول الآخر:
مرت بنا أول من أموس، تميس فينا مشية العروس قال الجوهري: ولا يصغر أمس كما لا يصغر غد والبارحة وكيف وأين ومتى وأي وما وعند وأسماء الشهور والأسبوع غير الجمعة. قال ابن بري: الذي حكاه الجوهري في هذا صحيح إلا قوله غير الجمعة لأن الجمعة عند سيبويه مثل سائر أيام الأسبوع لا يجوز أن يصغر، وإنما امتنع تصغير أيام الأسبوع عند النحويين لأن المصغر إنما يكون صغيرا بالإضافة إلى ما له مثل اسمه كبيرا، وأيام الأسبوع متساوية لا معنى فيها للتصغير، وكذلك غد والبارحة وأسماء الشهور مثل المحرم وصفر.
* أنس: الإنسان: معروف، وقوله:
أقل بنو الإنسان، حين عمدتم إلى من يثير الجن، وهي هجود يعني بالإنسان آدم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام. وقوله عز وجل:
وكان الإنسان أكثر شئ جدلا، عنى بالإنسان هنا الكافر، ويدل على ذلك قوله عز وجل: ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق، هذا قول الزجاج، فإن قيل: وهل يجادل غير الإنسان؟ قيل: قد جادل إبليس وكل من يعقل من الملائكة، والجن تجادل، لكن الإنسان أكثر جدلا، والجمع الناس، مذكر. وفي التنزيل: يا أيها الناس، وقد يؤنث على معنى القبيلة أو الطائفة، حكى ثعلب: جاءتك الناس، معناه: جاءتك القبيلة أو القطعة، كما جعل بعض الشعراء آدم اسما للقبيلة وأنت فقال أنشده سيبويه: شادوا البلاد وأصبحوا في آدم، بلغوا بها بيض الوجوه فحولا والإنسان أصله إنسيان لأن العرب قاطبة قالوا في تصغيره:
أنيسيان، فدلت الياء الأخيرة على الياء في تكبيره، إلا أنهم حذفوها لما كثر الناس في كلامهم.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة