شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ١ - الصفحة ٢٢٠
الهمزة وإن لم تسقط خرجت همزة الوصل عن حقيقتها، لأنها هي التي تسقط في الدرج، وإنما لم يعتد بالتاء في البنية لما فيها من رائحة التأنيث لاختصاص الابدال بالمؤنث دون المذكر، وإنما قلنا إن الهمزة والتاء بدلان من اللام لأنهما لا تجامعانه، ولم يجئ من الكلمات ما أبدل من لامه تاء فيكون ما قبلها ساكنا ويوقف عليها تاء إلا سبع كلمات: أخت، وبنت، وهنت، وكيت، وذيت، وثنتان (1)
(1) أخت: أصلها أخو، حذفت لامها اعتباطا وعوض عنها التاء مع قصد الدلالة على المؤنث وغيرت الصيغة من فعل (كجبل) إلى فعل (بضم فسكون) دلالة على أن التاء ليس متمحضة للتأنيث. وبنت: أصلها بنو، فعل بها ما فعل بأخت إلا أنهم كسروا فاء الكلمة منها. والهن والهنت: كناية عن الشئ يستفحش ذكره. قال في اللسان: ويقال للمرأة يا هنة أقبلي فإذا وقفت قلت: يا هنه وقالوا: هنت بالتاء ساكنة النون فجعلوه بمنزلة بنت وأخت، وهنتان وهنات، تصغيرها هنية وهنيهة، فهنية على القياس وهنيهة على إبدال الهاء من الياء في هنية للقرب الذي بين الهاء وحروف اللين، والياء في هنية بدل من الواو في هنيوة، والجمع هنات على اللفظ وهنوات على الأصل. قال ابن جنى: أما هنت فيدل على أن التاء فيها بدل من الواو قولهم هنوات قال:
أرى ابن نزار قد جفاني وملني * على هنوات شأنها متتابع أما كيت فقد قال في اللسان: " وكان من الامر كيت وكيت، يكنى بذلك عن قولهم كذا وكذا، وكان الأصل فيه كية وكية (بتشديد الياء) فأبدلت الياء الأخيرة تاء وأجروها مجرى الأصل لأنه ملحق بفلس والملحق كالأصلي. قال ابن سيده: قال ابن جنى:
أبدلوا التاء من الياء لاما وذلك في قولهم كيت وكيت وأصلها كية وكية ثم إنهم حذفوا الهاء وأبدلوا من الياء التي هي لام تاء كما فعلوا ذلك في قولهم ثنتان فقالوا كيت فكما أن الهاء في كية علم تأنيث كذلك الصيغة في كيت علم تأنيث، وفى كيت ثلاث لغات، منهم من يبنيها على الفتح (طلبا للخفة) ومنهم من يبنيها على الضم (تشبيها لها بقبل وبعد) ومنهم من يبنيها على الكسر (على أصل التخلص من التقاء الساكنين).
قال: وأصل التاء فيها هاء وإنما صارت تاء في الوصل " اه بتصرف. وأما ذيت.
فالقول فيها كالقول في كيت تماما. وأما ثنتان فقد قال في اللسان: " والاثنان ضعف الواحد، والمؤنث الثنتان، تاؤه مبدلة من ياء، ويدل على أنه من الياء أنه من ثنيت لان الاثنين قد ثنى أحدهما إلى صاحبه، وأصله ثنى (كجبل) يدلك على ذلك جمعهم إياه على أثناء بمنزلة أبناء وآخاء، فنقلوه من فعل (بفتح الفاء والعين) إلى فعل (بكسر الفاء وسكون العين) كما فعلوا ذلك في بنت، وليس في الكلام تاء مبدلة من الياء في غير افتعل إلا ما حكاه سيبويه من قولهم: أسنتوا، وما حكاه أبو علي من قولهم: ثنتان اه، وقوله أسنتوا قال عنه ابن يعيش (10: 40): و " قولهم أسنتوا أي أجدبوا، وهو من لفظ السنة على قول من يرى أن لامها واو، لقولهم سند سنواء واستأجرته مساناة، ومنهم من يقول التاء بدل من الواو، ومنهم من يقول إنها بدل من الياء، وذلك أن الواو إذا وقعت رابعة تنقلب ياء على حد أوعيت وأغزيت ثم أبدل من الياء التاء، وهو أقيس " أه