المصغر، وهم إليه أحوج، كثروا أبنية الجمع ووسعوها ليكون لهم في كل موضع لفظ من الجمع يناسب ذلك الموضع، إذ ربما يحتاج في الشعر أو السجع إلى وزن دون وزن فقصرهم الجموع على أوزان قليلة كالتصغير مدعاة إلى الحرج، بخلاف المصغر، ثم لما كان أبنية المصغر قليلة واستعمالها في الكلام أيضا قليلا، صاغوها على وزن ثقيل، إذ الثقل مع القلة محتمل، فجلبوا لأولها أثقل الحركات، ولثالثها أوسط حروف المد ثقلا، وهو الباء، لئلا يكون ثقيلا بمرة، وجاءوا بين الثقلين بأخف الحركات، وهو الفتحة، لتقاوم شيئا من ثقلهما، والأولى أن يقال: إن الضم والفتح في عنيق وجميل وصريد غيرهما في عنق وجمل وصرد، كما قيل في فلك وهجان قوله " فالمتمكن يضم أوله " إنما خص المتمكن لان المبهمات تصغر على غير هذا النمط، كما يجئ في آخر الباب قوله " في الأربعة " احتراز من الثلاثي، لان ما بعد الياء فيه حرف الاعراب فلا يجوز أن يلزم الكسر، وكان ينبغي أن يقول " في غير الثلاثي " ليعم نحو عصيفير (1) وسفيرج، وإذا حصل بعد ياء التصغير مثلان أدغم أحدهما في الاخر فيزول الكسر بالادغام، نحو أصيم ومديق، ويعد هذا من باب التقاء الساكنين على حده، كما يجئ في بابه، وهو أن يكون الساكن الأول حرف مدأى ألفا أو واوا أو ياء ما قبلها من الحركة من جنسها، إذ ما قبل ياء التصغير وإن لم يكن من جنسها لكن لما لزمها السكون أجريت مجرى المدمع أنفي مثل هذا الياء والواو أي الساكن المفتوح ما قبله شيئا من المد، وإن لم يكن تاما، ألا ترى أن الشاعر إذا
(١٩٣)