أقول: يعنى المصغر ما زيد فيه شئ حتى يدل على تقليل، فيشمل المهمات كذياك واللذيا وغيرهما، والتقليل يشمل تقليل العدد كقولك: " عندي دريهمات " أي أعدادها قليلة، وتقليل ذات المصغر بالتحقير حتى لا يتوهم عظيما نحو كليب ورجيل، ومن مجاز تقليل الذات التصغير المفيد للشفقة والتلطف كقولك يا بنى ويا أخي، وأنت صديقي، وذلك لان الصغار يشفق عليهم ويتلطف بهم، فكنى بالتصغير عن عزة المصغر على من أضيف إليه، ومن ذلك التصغير المفيد للملاحة كقولك هو لطيف مليح ومه قوله: - 3 - يا ما أميلح غزلانا شدن لنا * (1) (من هؤليائكن الضال والسمر) وذلك لان الصغار في الأغلب لطاف ملاح، فإذا كبرت غلظت وجهمت، ومن تقليل ذات المصغر تصغير قبل وبعد في نحو قولك خروجي قبيل قيامك، أو بعيده، لان القبل هو الزمان المتقدم على الشئ، والبعد هو الزمان المتأخر عنه، فمعنى قبيل قيامك أي في زمان متقدم على قيامك صغير المقدار، والمراد ان الزمان الذي أوله مقترن بأخذي في الخروج وآخره متصل بأخذك في القيام صغير المقدار، ومنه تصغير الجهات الست كقولك: دوين النهر، وفويق الأرض، على ما ذكرنا من التأويل في قبيل وبعيد، والغرض من تصغير مثل هذا الزمان والمكان
(١٩٠)