شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ١ - الصفحة ١٨٨
للكحل والدهن، ولم يبنيا على مفعل كما هو بناء المواضع لأنهما ليس موضعين لما يفعل فيه الشئ كالمقتل حتى يبنيا على الفعل، بل هما موضعان لاسم جامد، لم يبعد، فإذا جعلا آلتين فهما بمعنى آلة الحل والدهن - بفتح الكاف والدال - كالمثقب لالة الثقب، والمحرضة: وعاء الحرض: أي الأشنان، والظاهر أن مضربة السيف آلة الضرب، لا موضعه، غيرت عما هو قياس بناء الآلة لكونها غير مذهوب بها مذهب الفعل وجاء الفعال أيضا للآلة، كالخياط والنظام واعلم أن الشئ إذا كثر بالمكان وكان اسمه جامدا فالباب فيه مفعلة بفتح العين، كالمأسدة والمسبعة والمذأبة: أي الموضع الكثير الأسد والسباع والذئاب، وهو مع كثرته ليس بقياس مطرد، فلا يقال مضبعة ومقردة، ولم يأتوا بمثل هذا في الرباعي فما فوقه، نحو الضفدع والثعلب، بل استغنوا بقوله: كثير الثعالب، أو تقول: مكان مثعلب ومعقرب ومضفدع ومطحلب بكسر اللام الأولى على أنها اسم فاعل، قال (لبيد): - 29 - يممن أعدادا بلبنى أو أجا * مضفدعات كلها مطحلبة (1)

(1) البيت للبيد بن ربيعة العامري، كما ثبت في بعض نسخ الأصل. وقد أنشد الجوهري والصاغاني في العباب هذا البيت لما ذكره المؤلف. ويممن: قصدن والأعداد - بفتح الهمزة -: جمع عد بكسر العين مثل حمل وأحمال وقدح وأقداح ووتر وأوتار، والعد: الماء الذي له مادة لا تنقطع كماء العين وماء البئر، ولبنى - بضم فسكون -: اسم جبل، وأجا بوزن عصا في هذا البيت، والأكثرون يهمزونه مثل خطأ، وهو أحد جبلي طئ، ومضفدعات: كثيرة الضفادع، وهي صفة لاعداد، ومطحلبة: كثيرة الطحلب. وتقول: ضفدع الماء وطحلب، إذا كثرت ضفادعه وطحالبه، مثل قولك: رجست الدواء، وفلفلت الطعام وعبهرته، وزعفرت الثوب، وعندمت الفتاة أناملها، ونحو ذلك من كل فعل تأخذه على مثال دحرج من اسم جنس رباعي الأصول أو منزل منزلته
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست