قال: " وقولهم أصيغر منك ودوين هذا وفويقه لتقليل ما بينهما " أقول: قوله " أصيغر منك " اعلم أن المقصود من تحقير النعوت ليس تحقير الذات المنعوت غالبا، بل تحقير ما قام بها من الوصف الذي يدل عليه لفظ النعت، فمعنى ضويرب ذو ضرب حقير، وقولهم أسيود وأحيمر وأصيفر أي ليست هذه الألوان فيه تامة، وكذا بزيزيز وعطيطير (1) أي الصنعتان فيهما ليستا كاملتين، وربما كانا كاملين في أشياء أخرى، وقولك " هو مثيل عمرو " أي المماثلة بينهما قليلة، فعلى هذا معنى " أصيغر منك " أي زيادته في الصغر عليك قليلة، وكذا " أعيلم منك " و " أفيضل منك " ونحوه، لان أفعل التفضيل ما وضع لموصوف بزيادة على غيره في المعنى المشتق هو منه، وقد تجئ لتحقير الذات كما في قول على " يا عدى نفسه " وأما تحقير العلم نحو زيد وعمرو فلمطلق التحقير، وكذا في الجنس الذي ليس بوصف كرجل وفرس، ولا دليل فيه على أن التحقير إلى أي شئ يرجع إلى الذات أو الصفة أو إليهما قوله " ودوين هذا، وفويقه "، قد ذكرنا حقيقة مثله في أول باب التحقير قال: " ونحو ما أحيسنه شاذ، والمراد المتعجب منه " أقول: عند الكوفيين أفعل التعجب اسم، فتصغيره قياس، وعند البصريين هو فعل كما تقدم في بابه في شرح للكافية، وإنما جرأهم عليه تجرده عن معنى الحدث والزمان اللذين هما من خواص الافعال، ومشابهته معنى لأفعل التفضيل، ومن ثم يبنيان من أصل واحد، فصار أفعل التعجب كأنه اسم فيه معنى الصفة
(٢٧٩)