شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ١ - الصفحة ١٣١
15 - ليت شعري عن خليلي من الذي * غاله في الحب حتى ودعه (1) وحمل يذر على يدع لكونه بمعناه (2)، ولم يستعمل ماضيه لا في السعة ولا في الضرورة
(1) هذا البيت من كلام أبي الأسود الدؤلي، قاله ابن برى، وقال الأزهري:
إنه لأنس بن زنيم الليثي، وأنشد معه بيتا آخر، وهو قوله:
لا يكن برقك برقا خلبا * إن خير البرق ما الغيث معه والشاهد فيه مجئ ودع ماضيا مخففا، ومثله قول سويد بن أبي كاهل اليشكري:
سل أميري ما الذي غيره * عن وصالي اليوم حتى ودعه وقول الاخر:
فسعى مسعاته في قومه * ثم لم يدرك ولا عجزا ودع (2) اعلم أنهم استعملوا الفعل المضارع من هذه المادة فقالوا: يذر، ومنه قوله تعالى (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) واستعملوا منه الامر فقالوا: ذر، ومنه قوله تعالى (ذرني ومن خلقت وحيدا) وقوله (ذرني والمكذبين) ولم يستعملوا منه اسم فاعل ولا اسم مفعول ولا مصدرا ولا فعلا ماضيا، وهذا المضارع المسموع قد ورد بالفتح، إلا ما حكى عن بعضهم من قوله: " لم أذر ورائي شيئا "، ومقتضى القواعد المقررة أن يكون ماضي هذا الفعل المقرر مكسور العين، فيكون فتح عين مضارعه هو الأصل والقياس، وحينئذ فيسأل عن علة حذف الواو، إذ كان المعروف أنها لا تحذف إلا بين الياء والكسرة حقيقة أو تقديرا، وجواب هذا هو الذي عناه المؤلف بقوله: حمل على يدع، يريد أنه حمل عليه في حذف الواو لكونه بمعناه، إذ ليس فيه نفسه ما يقتضى حذفها، ويمكن أن يقدر أن الماضي مفتوح العين، فيكون قياس المضارع كسر العين، لان المثال الواوي المفتوح العين في الماضي لا يكون إلا من باب ضرب، فيكون حذف الواو جاريا على القياس، لأنها وقعت بين ياء مفتوحة وكسرة أصلية، ويسأل حينئذ عن سر فتح العين في المضارع مع أنه ليس فيه ما يقتضى الفتح فيجاب بأنه حمل على يدع في فتح العين لكونه بمعناه، وفي يدع موجب الفتح وهو حرف الحلق، وهذا يماثل ما قال بعضهم في أبى يأبى: إنه فتحت عينه حملا له على منعيمنع لأنه بمعناه