المتحرك التبس الامر على بعض الناس فظنوا أن الحركة على الحرف، وبعضهم تجاوز ذلك وقال: هي قبل الحرف، وكلاهما وهم، وإذا تأملت أحسست بكونها بعده، ألا ترى أنك لا تجد فرقا في المسموع بين قولك الغزو - باسكان الزاي والواو - وبين قولك الغز - بحذف الواو وضم الزاي - وكذا قولك الرمي - باسكان الميم والياء - والرم - بحذف الياء وكسر الميم - وذلك لأنك إذا أسكنت حرف العلة بلا مد ولا اعتماد عليه صار بعض ذلك الحرف فيكون عين الحركة إذ هي أيضا بعض الحرف، كما قلنا، ثم إن حروف الحلق سافلة في الحلق يتعسر النطق بها، فأرادوا أن يكون قبلها إن كانت لاما الفتحة التي هي جزء الألف التي هي أخف الحروف، فتعدل خفها ثقلها، وأيضا فالألف من حروف الحلق أيضا فيكون قبلها جزء من حرف من حيزها، وكذا أرادوا أن يكون بعد حرف الحلق بلا فصل إن كانت عينان الفتحة الجامعة للوصفين، فجعلوا الفتحة قبل الحلقي إن كان لاما، وبعده إن كان عينا، ليسهل النطق بحروف الحلق الصعبة، ولم يفعلوا ذلك إذا كان الفاء حلقيا: إما لان الفاء في المضارع ساكنة فهي ضعيفة بالسكون (ميتة)، وإما لان فتحة العين إذن تبعد من الفاء، لان الفتحة تكون بعد العين التي بعد الفاء، وليس تغيير حرف الحلق من الضم أو الكسر إلى الفتح بضربة لازب، بل هو أمر استحساني، فلذلك جاء برأ يبرؤ (1)، وهنأ يهنئ، وغير ذلك، وهي لا تؤثر في فتح ما يلزمه وزن واحد
(١١٩)