واعلم أنه إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه، وجب أن يتأخر عما نسب إلى المستثنى منه، نحو: ما جاءني إلا زيدا أحد، وإن تقدم على المنسوب وجب تأخيره عن المستثنى منه، نحو: القوم إلا زيدا ضربت، ولا يجوز، عند البصريين، تقدمه عليهما معا في الاختيار، نحو قولك: إلا زيدا قام القوم، وقوله:
210 - وبلدة ليس بها طوري، * ولا، خلا الجن، بها انسي 1 شاذ عندهم للضرورة، وقيل: تقديره: ليس بها طوري، ولا بها انسي، خلا الجن، فأضمر الحكم، والمستثنى منه، و: بها انسي، الظاهر تفسير له،.
فإذا قام المستثنى مع آلة الاستثناء مقام المستثنى منه، وذلك في الاستثناء المفرغ، التزم عندهم، تأخير المستثنى عن عامله، فلا يجوز: إلا زيدا لم أضرب ، و: زيد إلا راكبا لم يأتني، وجوز الكوفيون في السعة، تقدم المستثنى على المستثنى منه، والحكم ، معا، نحو:
إلا زيدا ضربني القوم، وكذا جوزوا تقديم المستثنى في المفرغ على الحكم نحو: إلا زيدا لم أضرب، والأولى مذهب البصريين، لعدم سماع مثل هذا، ويمنعه القياس أيضا، وذلك لأن المستثنى، أخرج من المستثنى منه في الحقيقة أولا ثم نسب الحكم إلى المجموع، وهو في الظاهر مخرج من الحكم أيضا، لأن الظاهر أنك أخرجت زيدا من المجيئ في قولك:
جاءني القوم إلا زيدا، وإن لم يكن في الحقيقة مخرجا منه، ومرتبة المخرج أن يكون بعد المخرج منه، فكان حقه أن يجيئ بعد الحكم والمستثنى منه معا، لكنه جوز، لكثرة استعماله، تقدمه على أحدهما، نحو: جاءني إلا زيدا لقوم، والقوم إلا زيدا اخوتك، ولم يجز تقدمه عليهما معا،