أي السيرافي: ما أعلم خلافا في جواز الجر بخلا، إلا أن النصب بها أكثر، كما ذكر سيبويه 1، وأما (خلا)، فهو في الأصل لازم يتعدى إلى المفعول بمن، نحو: خلت الدار من الأنيس، وقد يضمن معنى (جاوز) فيتعدى بنفسه كقولهم:
افعل هذا وخلاك ذم، وألزموها 2 هذا التضمين في باب الاستثناء، ليكون ما بعدها في صورة المستثنى بالا، التي هي أم الباب، ولهذا الغرض، التزموا اضمار فاعله وفاعل (عدا)، ولم يظهر معهما (قد) مع أنهما في محل النصب على الحال 3، ولهذا أوجبوا اضمارا اسمي 5 ليس ولا يكون، وأما (عدا) فمتعد في غير الاستثناء، أيضا، وفاعل خلا، وعدا، عند النجاة، (بعضهم) 4، وفيه نظر، لأن المقصود في جاءني القوم خلا زيدا وعدا زيدا: أن زيدا لم يكن معهم أصلا، ولا يلزم من مجاوزة بعض القوم إياه وخلو بعضهم منه، مجاوزة الكل وخلو الكل، فالأولى أن نضمر فيهما ضميرا راجعا إلى مصدر الفعل المتقدم، أي: جاءني القوم خلا مجيئهم زيدا، كقوله تعالى: (اعدلوا هو أقرب للتقوى) 5، فيكون مفسر الضمير سياق القول، والنصب في قولهم: ما النساء وذكرهن 6، بعدا، مضمرة، وقال بعضهم (ما) مؤول بالا، ولم يثبت، قوله: (وما خلا وما عدا)، إنما لزم النصب بعدهما، لأن (ما) مصدرية ، وهي تدخل على الفعلية غالبا، كما يجيئ في قسم الحروف، وفي الاسمية قليلا، وليس بعدها