وقال الكوفيون: (إلا) في الاستثناء المنقطع، بمعنى (سوى) وانتصاب المستثنى بعدها كانتصابه في المتصل، وتأويل البصريين أولى، لأن المستثنى المنقطع، يلزم مخالفته لما قبله نفيا واثباتا، كما في (لكن)، وفي (سوى) لا يلزم ذلك، لأنك تقول: لي عليك ديناران ، سوى الدينار الفلاني، وذلك إذا كان صفة، 1 وأيضا معنى (لكن) الاستدراك، والمراد بالاستدراك فيها رفع توهم المخاطب دخول ما بعدها في حكم ما قبلها، مع أنه ليس بداخل فيه، وهذا هو معنى الاستثناء المنقطع بعينه، وإنما وجب النصب في المستثنى من الموجب، لأن التفريغ لا يجوز فيه، كما يجيئ، والابدال أيضا لا يجوز في نحو: جاء القوم إلا زيدا، لأنك لو أبدلت، كان المبدل منه في حكم الساقط، فيؤدي إلى التفريغ في الإيجاب فلم يبق إلا النصب، قوله: (أو مقدما على المستثنى منه)، يعني إذا كان بعد (الا) وتقدم على المستثنى منه، وجب النصب، لأنه إن كان في الموجب فقد تقدم وجوب النصب ، وإن كان في غير الموجب، فقد بطل البدل، لأن البدل لا يتقدم على المبدل منه، لأنه من التوابع، فلم يبق إلا النصب على الاستثناء، على أنه قد حكى يونس 2: ان بعض العرب يقول:
ما لي إلا أبوك أحد، فجعل المستثنى منه، المؤخر، بدلا من المستثنى، كما قيل: ما مررت بمثله أحد، و (أحد) بدل من (مثله)، ويجوز أن تقول: ما لي إلا أبوك صديقا، على أن (أبوك) مبتدأ، و (لي) خبره وصديقا، حال، وتقول: من لي إلا أبوك صديقا، فمن، مبتدأ، و (لي) خبره، و (أبوك) بدل من (من)، كأنك قلت: ألي أحد إلا أبوك، وصديقا، حال، وتقول: ما لي إلا زيدا صديق وعمرا، وعمرو، فتنصب عمرا على العطف على (زيدا)، وترفعه على أنه مبتدأ محذوف الخبر، أي:
وعمرو كذلك،