وإنما اشترط كون الاستثناء في كلام موجب، لأن غير الموجب لا يجب نصب مستثناه، كما يجيئ، واختلف في عامل النصب في المستثنى، فقال البصريون: العامل فيه:
الفعل المتقدم، أو معنى الفعل، بتوسط (الا)، لأنه شئ يتعلق بالفعل معنى، إذ هو جزء مما نسب إليه الفعل، وقد جاء بعد تمام الكلام فشابه المفعول، وقال المبرد، والزجاج: العامل فيه (الا)، لقيام معنى الاستثناء بها، والعامل ما به يتقوم المعنى المقتضى 1، ولكونها نائبة عن (أستثني)، كما أن حرف النداء نائب عن (أنادي)، وقال الكسائي: هو منصوب، إذا انتصب، بأن مقدرة بعد (إلا)، محذوفة الخبر، فتقدير قام القوم الا زيدا: قام القوم الا أن زيدا لم يقم، وليس بشئ، إذ يبقى الاشكال عليه بحاله في انتصاب (أن) مع اسمها وخبرها، لأنها في تقدير المفرد، وأما الاعتراض 2 بأنه يعمل الحرف الموصول مقدرا، والموصول لا يقدر، فلا يرد عليه، لأن الكوفيين يجوزون تقدير الاسم الموصول، كما يجيئ، وأما تقدير الحرف الموصول، فله أسوة 3 بالبصريين في تقديرهم (أن) الناصبة للفعل، لكون الحروف التي قبلها كالنائب عنها، فإلا، عنده، تكون كالنائب عن (أن) المقدرة، وقال الفراء: (الا) مركبة من: (إن) و (لا) العاطفة، حذفت النون الثانية من (إن)، وأدغمت الأولى في لام (لا) فإذا انتصب الاسم، بعدها، فبإن، وإذا أتبع ما قبلها في الاعراب، فبلا العاطفة، فكأن أصل قام القوم إلا زيدا: قام القوم، إن زيدا