جاءني العبد كله، وذهب زيد كله، فإن أجزاء العبد لا تفترق بالنسبة إلى المجئ، بأن يجئ بعضه ولا يجئ الباقي، فعلى هذا القياس: لا يقال: اختصم الزيدان كلاهما، لأن الزيدين لا يصح افتراقهما بالنسبة إلى الاختصام، إذ هو لا يكون إلا بين اثنين أو أكثر، فلا يصح أن يقال: اختصم زيد وحده، وأجاز الأخفش، اختصم الزيدان كلاهما، وهو مردود بما ذكرنا، وبعدم السماع، وقد كان يحتمل نحو: اشتريت العبدين واشتريت العبيد، من افتراق الأجزاء حكما، ما احتمل المفرد، أعني نحو: اشتريت العبد كله، لكنه لم يمكن رفع ذلك الاحتمال بالتأكيد، إذ لو قلت: اشتريت العبيد كلهم لرفع احتمال افتراق الأجزاء حكما، لاشتبه برفع احتمال افتراق الأجزاء حسا، والاحتمال الثاني أظهر، لكون الافتراق الثاني أشهر فيسبق الفهم إليه، فلا يحصل المقصود، فإذا أردت رفع أول الاحتمالين قلت اشتريت جميع أجزاء العبدين وجميع أجزاء العبيد، وإذا كان الاسم نكرة، لم يؤكد، إذ التأكيد، كما ذكرنا لرفع احتمال عن أصل نسبه لنفعل إلى المتبوع، أو عن عموم نسبته لأفراد المتبوع، ورفع الاحتمال عن ذات المنكر وأنه أي شئ، هو، أولى به من رفع الاحتمال الذي يحصل بعد معرفة ذاته، أي الاحتمال في النسبة، فوصف النكرة لتمييزها عن غيرها أولى من تأكيدها، ويستثنى من الحكم المذكور، أعني منع تأكيد النكرات، شئ واحد، وهو جواز تأكيدها إذا كانت النكرة حكما لا محكوما عليه، كقوله عليه الصلاة والسلام: (فنكاحها باطل باطل باطل) 1 ومثله قوله تعالى: (دكت الأرض دكا دكا) 2، فهو مثل:
ضرب ضرب زيد، وأما تكرير المنكر في نحو قولك: قرأت الكتاب سورة سورة، وقوله تعالى: (وجاء ربك والملك صفا صفا) 3، فليس في الحقيقة تأكيدا، إذ ليس