(الا) يقتضي زوال نفيهما بعدها فيلزم التناقض، فإن قيل: يلزم مثله في (ليس)، ويجوز اتفاقا: ليس زيد شيئا إلا شيئا لا يعبأ به، لأن معنى ليس، وما، سواء إجماعا منهم، قلت: سلمنا تساوي معنييهما، ولا يلزم التناقض، لأن اعمال (ليس) فيما بعد (إلا) لا يقتضي بقاء نفيها بعدها، إذ عملها ليس للنفي، بل لكونها فعلا ، وفعلتيها لا تزول بإلا، كما يزول نفيها، فإن قيل: فقد أثبت لها معنيين: أحدهما يزول بإلا، وهو النفي، والآخر لا يزول به، وهو الفعلية، و (ما) مثلها في المعنى، اتفاقا، فيلزم أن يكون في ( ما) أيضا معنى الفعلية، قلت: كان معنى (ليس) في الأصل: ما كان، وإنما حكمنا بذلك، للحوق علامات الأفعال إياها نحو: ليست، ولست، ثم سلبت الدلالة على الزمان الماضي، بقيت مفيدة لنفي كون مضمون خبرها مطلقا، أو في الحال، كما يجيئ، ومعنى نفي كون مضمون الخبر، وهو معنى (ليس) ونفي مضمون الخبر وهو معنى (ما) شئ واحد في الحقيقة والمغزى، وإن كان في نفي الكون معنى الفعلية، وليس في إيجاد معنى النفي في لفظ آخر، ذلك 1، وهو معنى (ما)، فمن ثم قيل إنهما بمعنى واحد في الحقيقة والمغزى ورب شيئين معناهما الوضعي مختلف، ومؤداهما شئ واحد، فإذا ثبت هذا، قلنا: إن (إلا) نقضت معنى النفي في (ليس) وبقي معنى الكون، وهو الناصب للخبر، دون النفي بحاله، كما كان في: ما كان زيد منطلقا ، وأما أن (ليس)، أيضا إيجاد معنى نفي الكون في لفظ آخر، وهو الجملة بعدها، فينبغي أن تكون حرفا ولا يكون فيها معنى الفعلية،
(١١٠)