وما أجازه مردود، لوجوب قيام المستثنى مقام المقدر في الاعراب، ولا سيما في الفاعل، إذ لا يجوز حذفه إلا مع قائم مقامه، وهو يجيز ما قام إلا زيدا، قوله: (وهو في غير الموجب ليفيد)، يعني بغير الموجب: النهي والاستفهام والنفي الصريح أو المؤول، كما ذكرنا، قوله: (ليفيد)، قد تقدم أنك لو قلت: قام إلا زيد، لكان المعنى: قام جميع الناس إلا زيدا، وهو بعيد، وقرينة تخصيص جماعة من الناس من بينهم زيد، منتفية في الأغلب، فامتنع الاستثناء المفرغ في الموجب، قوله: (إلا أن يستقيم المعنى)، أي يستقيم في الإيجاب معنى الاستثناء المفرغ الذي يفيد عموم المستثنى منه، نحو: قرأت إلا يوم كذا، إذ لا يبعد أن تقرأ في جميع الأيام إلا اليوم المعين، وأغلبه أن يكون من الفضلات، كالظرف، والجار والمجرور والحال، كما تقدم، قوله: (ومن ثم)، أي: ومن جهة أن المفرغ إنما يجيئ في غير الموجب ، امتنع:
ما زال زيد إلا عالما، لأن (ما زال) موجب، إذ النفي إذا دخل على النفي أفاد الإيجاب الدائم، كما يجيئ في الأفعال الناقصة، فيكون المعنى: دام زيد على جميع الصفات إلا على صفة العلم، وهو محال، ولقائل أن يقول: احمل الصفات المثبتة على ما يمكن أن يحمل مثله عليها، مما لا يتناقض، واستثن من جملتها العلم، كما قيل في: ما زيد إلا عالم، في الصفات المنفية، أو احمل ذلك على المبالغة في نفي صفة العلم، كأنك قلت:
أمكن أن يجتمع فيه جميع الصفات إلا صفة العلم، كما حملت هناك على المبالغة في إثبات الوصف،