على الحال في الجمع بين الأختين الأمتين فقال: لم يقع ذلك بقرابة إحدى الأختين الحرتين من الأخرى، لأن التحريم لو كان من أجل ذلك لم يحل بعد وطء واحدة منهما وطء الأخرى أبدا، كما لا يجوز وطء الأم مع البنت ولا بعدها أبدا، ولكنه وقع من أجل قرابة الرجل منهما، لأن ذوي محارم المرأة مثل: أبيها وعمها وخالها وابن أخيها وابن أختها، ومن النساء مثل: أمها وعمتها وخالتها وبنت أختها، هم قرابات الرجل بالختونة والصهر، وهو قرابتهم ما كانت المرأة تحته، فحرم عليه أن يتزوج الأخت على الأخت، لأنها من أصهاره. وكذلك حرم عليه أن يجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، لأن عمة المرأة إذا جعلتها رجلا كانت عما، وهو محرم المرأة. وهذا معنى قول سفيان الثوري: " يكره للرجل أن يجمع بين امرأتين ". ولو كانت أحداهما رجلا لم تحل له الأخرى، إذا كان ذلك من نسب، وليست بنت العم ولا بنت الخال كذلك، لأنك إذا جعلت كل واحدة منهما ذكرا، لم يكن للمرأة محرما، فجاز للرجل أن يجمع بين ابنتي عميه، وابنتي خاليه.
والدليل على أن الصهر قرابة، من تأويل الكتاب، قول بعض المفسرين في قول الله عز وجل: وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة أراد بالحفدة، الأختان، أفما نراه على هذا التأويل قد قرنهم بالبنين وجعلهم هبة من الأزواج.
وقوله جل وعز: وهو الذي خلق من الماء بشرا، فجعله نسبا وصهرا أراد بالنسب قرابة النسب، والصهر قرابة النكاح. والدليل على ذلك من النظر، ان الله جل وعز، ورث كل واحد من الزوجين صاحبه، كما ورث قرابات النسب، ولم يحجبهما عن الميراث بأحد، وعلة التوريث هي القرابة التي وقعت بينهما بالنكاح، لا النكاح، لأن المرأة قد أخذت ثمن البضع، وهو المهر.
فلولا القرابة ما ورثته ولا ورثها، والدليل من اللغة، ان الصهر عندهم قرابة النسب أيضا. يقولون: فلان مصهر بنا، إذا كان نسبه نسبهم، ومن ذلك قول زهير: