كان شديد العلة. وقد وقذته العلة والعبادة، إذا نهكته. ومنه الموقوذ، وهي التي تضرب حتى تشرف على الموت، ثم تترك تموت بغير ذكاة.
وقولها: غاض نبغ الردة، أي: نقصه وأذهبه. يقال: غاض الماء، إذا نقص. وغضته أنا. ونبغ الردة، ما نبغ منها. أي: ظهر. وانما سمي النابغة بقوله: " من الوافر " فقد نبغت لنا منهم شؤون وقولها: وأطفأ ما حشت يهود. تعني: ما أوقدت من نيران الحرب أو الفتنة.
يقال: حششت النار وأحمشتها، إذا ألهبتها. ولم تصرف يهود، لأنه يجعل كالقبيلة. وكذلك مجوس. قال الشاعر: " من الوافر " كنار مجوس تستعر استعارا وقولها: وأنتم يومئذ جحظ شاخصو الأبصار تترقبون أن ينعق ناعق أو يدعو إلى وهن الاسلام داع، والعين تجحظ عند الترقب وعند الانكار للشئ.
حدثني أبو حاتم عن الأصمعي عن موسى بن سعيد الجمحي عن ابن مصعب الزبيري قال، قال لي عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب الجمحي، وكان جزلا موجها ذا عارضة، أتاني فتى من قريش يستشيرني في امرأة يتزوجها، فقلت: يا بن أخي، أقصيرة النسب أم طويلته، قال: فكأنه لم يفهم. فقلت: يا بن أخي: إني أعرف في العين إذا أنكرت، وأعرف فيها إذا عرفت. وأعرف فيها إذا هي لم تعرف ولم تنكر. أما هي إذا عرفت فتخواص، وأماذ أنكرت فتجحظ، وأما هي إذا لم تعرف ولم تنكر فتسحو.
القصيرة النسب يا بن أخي، التي إذا ذكرت أباها اكتفيت، والطويلة النسب، التي لا تعرف حتى تطيل، وإياك يا ابن أخي وان تقع في قوم قد أصابوا غثرة من الدنيا مع دناءة، فتضع نفسك بهم.
قوله: تسحو، أي: تسكن، والغثرة والكثرة هاهنا بمعنى. ويقال لعوام الناس: الغثراء، وهذا شبيه رؤبة عن النسابة.