قوله: داحي المدحوات، يعني: باسط الأرضين، وكان عز وجل خلقها ربوة ثم بسطها قال جل ذكره: " والأرض بعد ذلك دحاها "، وكل شئ بسطته ووسعته، فقد دحوته، ومن هذا قيل لموضع بيض النعامة:
أدحي، لأنها تدحوه للبيض، أي: نبسطه وتوسعه، وهو: " أفعول ".
وقوله: بارئ المسموكات، أي خالق السماوات، وكل شئ رفعته وأعليته فقد سمكته. وسمك الحائط والبيت: ارتفاعه. قال الفرزدق: " من الكامل " ان الذي سمك السماء بنى لنا * بيتا دعائمه أعز أطول وقوله: جبار القلوب على فطراتها، شقيها وسعيدها، من قولك: جبرت العظم فجبر، إذا كان مكسورا فلأمته وأقمته كأنه أقام القلوب وأثبتها على ما فطرها عليه من معرفته والاقرار به، شقيها وسعيدها، ولم أجعل جبارا هاهنا، من:
أجبرت فلانا على الأمر إذا أدخلته فيه كرها وقسرته، لا يقال: من: " أفعل فعال "، لا أعلم ذلك الا أن بعض القراء قرأ: " أهدكم سبيل الرشاد:، بتشديد الشين، وقال: الرشاد، الله تبارك وتعالى، فهذا " فعال من أفعل "، وهي قراءة شاذة غير مستعملة.
وأما قول الله تعالى: " ما أنت عليهم بجبار ". فإنه أراد ما أنت عليهم بملك، والجبابرة: الملوك، واعتبار ذلك قوله عز وجل: " لست عليهم بمسيطر "، أي: بمسلط تسلط الملوك. فإن كان يجوز أن يقال من: أجبرت فلانا على الأمر، وأنا جبار، وكان هذا محفوظا، فقد يجوز أن يجعل قول علي رضي الله عنه: جبار القلوب، من ذلك وهو أحسن في المعنى.
وقوله: دامغ جيشات الأباطيل، يريد، المهلك لما نجم وارتفع من الأباطيل، وأصل الدمغ من الدماغ، كأنه الذي يضرب وسط الرأس فيدمغ. أي:
يصيب الدماغ. ومنه قول الله تعالى: " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه "، أي: يبطله، والدماغ مقتل، فإذا أصيب هلك